واصل مسئولون ووسائل إعلام إسرائيلية حملة الهجوم الشرس ضد محمد بسيوني سفير مصر الأسبق في تل أبيب ورئيس لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى المصري، بسبب تصريحات نسبت إليه، قال فيها إنه كان "مزروعا في المخابرات" خلال فترة عمله سفيرا لمصر لدى إسرائيل، وإنه لم يكن لديه أصدقاء خلال فترة عمله هناك.
ورغم نفي بسيوني رسميا لهذه التصريحات جملة وتفصيلا، وتأكيده أنها حرفت واتهامه لوسائل إعلام مصرية معارضة بالوقوف وراء نشرها بهذا الشكل، إلا أن هجوم الإسرائيليين استمر واتهموا بسيوني بالتجسس على إسرائيل لمدة 18 عاما، كما زعموا تورطه في قضية تحرش جنسي مع إحدى الراقصات.
اتهامات بالتجسس
قال داني إيالون سفير إسرائيل السابق بالولايات المتحدة قوله، إن "بسيوني ظل لمدة 18 عاما يقوم بأنشطة تجسس ضد إسرائيل"، زاعما أنه "كان يعرفه وكان على صلة به خلال الفترة التي عمل فيها بإسرائيل".
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في عددها الصادر أمس الأول عن إيالون قوله، إن "بسيوني تخطى حدود وظيفته في التجميع الشرعي للمعلومات العادية والتي يقوم بها السفراء في أنحاء العالم، متعديا ذلك بالتجسس لصالح المخابرات المصرية، "مضيفا أن "مصطلح جاسوس والذي يعني شخص يجمع معلومات حساسة جدا ينطبق على بسيوني والذي أؤمن أنه كان عميلا متورطا في أعمال الجاسوسية"، حسب وصفه.
وأكد إيالون، أن "التجميع الشرعي للمعلومات يشمل متابعة الصحف الإسرائيلية وعقد لقاءات مع ممثلي الحكومة والمعارضة الإسرائيلية، بالإضافة إلى عدد من مسئولي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وهو ما تخطاه بسيوني" دون أن يوضح المزيد.
وقال إن "المؤسسة العسكرية والدبلوماسية بتل أبيب كانت على علم بطبيعة عمل بسيوني في إسرائيل، كما أن مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلية كانت تعلم بضلوعه في النشاط الاستخباري"، مضيفا أن "السفير المصري الأسبق كان ضابط اتصال بين الجيشين المصري والسوري في حرب 1973، وأنه تم إيفاده لطهران كضابط اتصال عسكري"، حسب قوله.
وأشار إلى أن "بسيوني والذي كان ضالعا في النشاط الاستخباري كان شخصية غير مرغوب فيها داخل المجتمع الإسرائيلي، لكني أرى أنه برغم علم تل أبيب بذلك رفضت طرده كي لا تؤذي العلاقات مع القاهرة التي تحسنت بعد توقيع اتفاقية السلام عام 1979".
وفي نفس السياق، قال زلمان شوفال الذي عمل سفيرا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة، إن "المخابرات الإسرائيلية كانت تعلم بعمل بسيوني الاستخباري خلال فترة إقامته في إسرائيل"، لكنه قال إنه "لا يريد الخوض في تفاصيل كثيرة يعلم منها الكثير عن بسيوني"، مؤكدا أن الأمر ليس جديدا وأن "سفراء كثيرين كانوا يعملون كجواسيس".
من جانبه، اعتبر مائير إيلان الرئيس السابق للمخابرات العسكرية "أمان" والذي شارك في مباحثات السلام مع القاهرة أن الأمر عادي، "كل سفير في العالم يقدم تقارير لبلده ويكون ذراعا لوطنه في تجميع المعلومات عن البلد التي ينوب فيها كسفير" مضيفا أنها "حقيقة فعلية أننا عندما نتكلم عن دول متنافسة وخصوم معادية لبعدها حتى الآن"، في إشارة إلى مصر وإسرائيل.
تحرش جنسي
وزعمت الصحيفة الإسرائيلية، ان بسيوني تورط منذ حوالي عشر سنوات في قضية تحرش جنسي مع راقصة شرقية تدعى شلوميت شالوم من منطقة رامات جان الإسرائيلية.
وأضافت أن الراقصة كشفت في مقابلات صحفية أجرتها بعد ذلك أن "بسيوني أحضرها إلى منزل أحد الأصدقاء يعمل طبيبا جراحا والذي كان خارج البلد في ذلك الوقت تحت ذريعة أنه سوف يساعدها في الحصول على وظيفة"، وأنه "قدم لها هدايا وحقائب جلدية ومجوهرات وأحذية وعدد من عروض العمل".
وهي ادعاءات نفاها بسيوني، ووصفها بأنها "عملية ابتزاز من قبل الراقصة وأعدائه"، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه "تحت ضغط الخارجية الإسرائيلية تم إغلاق ملف الفضيحة المتورط فيها بسيوني في آخر الأمر لعدم وجود أدلة جوهرية وأساسية عليه"، لافتة إلى أنه "بعد فترة وجيزة من مغادرة السفير المصري إسرائيل أقامت شولاميت دعوى قضائية ضد بسيوني مطالبة إياه بمليون شيكل إسرائيلي كتعويض لها".
وحسب الصحيفة نفسها، فإن دبلوماسيا مصريا سابقا قال إن "بسيوني ترك إسرائيل بمشاعر محبطة ومريرة بسبب الادعاءات الموجهة ضده، وأنه "شعر أن أصدقائه في تل أبيب قد خانوه، وأنه "كان غاضبا جدا مما لحق به من اتهامات رأى فيها محاولة تطعن فيه وتدمر سمعته.
التصريحات المنسوبة لبسيوني
وجاءت تصريحات بسيوني المنسوبة إليه أثناء حضوره منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، حين سئل عن أصدقائه في الدولة العبرية، فقال "مفيش حاجة اسمها أصدقاء، أنا كنت رايح اشتغل ومافيش صداقة حقيقية في الشغل، وبعدين أنا كنت رايح مزروع كضابط مخابرات مش رايح بمزاجي، إنتو فاكرين إني كنت بشتغل سفير"، نافياً أن يكون له أصدقاء إسرائيليون، واصفاً ذكرياته مع الإسرائيليين بأنّ "كلّها نكد".
ووصف بسيوني عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لليهود الشرقيين وزعيم حزب "شاس" الديني المتطرف والمعروف بعدائه للعرب، بأنه كان صديقاً له.
ورفض في اللقاء وصف الدولة العبرية بأنها واحة للديمقراطية، مستشهداً بسوء المعاملة التي يلقاها فلسطينيو الأراضي المحتلة سنة 1948، وقال إنه لا يوجد مجتمع إسرائيلي حقيقي وأنه عبارة عن تجمع لمهاجرين من مختلف بلدان العالم.
وقال أنّ عدد المهاجرين الروس وحدهم بلغ مليون مهاجر، تمثلت خطورتهم في هجرة 40 عالم ذرة إلى فلسطين المحتلة ضمن المليون مهاجر، استطاعوا تنمية وإثراء القدرة النووية الإسرائيلية وأنّ إسرائيل مع ذلك فشلت في استيعابهم.
وذكر بسيوني أنّ كنّاسا (عامل نظافة) في الشارع الذي كان يقطن به في "هرتزليا" الواقعة شمال تل أبيب، كان بروفيسوراً روسياً يعمل في تكنولوجيا الفضاء.
ونفي بسيوني إمكانية أن يأتي رئيس وزراء شرقي علي رأس الحكومة الإسرائيلية، على الرغم من كون موشيه كتساف الرئيس الإسرائيلي السابق، إيراني الأصل، وكذلك شاؤول موفاز.
وبدا بسيوني غير مهتم بنتائج الانتخابات الإسرائيلية على منصب رئاسة الوزراء، واصفاً تسيبي ليفني وشاؤول موفاز بأنهما يُعدّان أبرز المرشحين "السيئين"، وإن فضّل ليفني علي موفاز مرجعاً ذلك إلي تشدّد موفاز وقت أن كان وزيراً للحرب.
وأضاف "ما يهمنيش مين ييجي ألدو ولا شاهين (لاعبي كرة مصريين متنافسين في الأربعينات)، المهم من يحيي العملية السلمية"، على حد تعبيره.
ووصف بسيوني آرئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بالجثة الراقدة، مؤكداً أنّ خلايا جسده ماتت بالفعل وأنه يعيش بالأجهزة التي يرفض الحاخامات اليهود رفعها عنه.
ونفي بسيوني أن تكون "أم الرشراش"، المسماة إسرائيلياً "إيلات" والمطلة على خليج العقبة مصرية، مؤكداً أنها تتبع فلسطين، وأن الأمر صار محسوماً ببيان رسمي من وزارة الخارجية المصرية التي رفضت نسب أم الرشراش .