ما زال الغموض يكتنف أسباب الحريق الهائل الذي أتى على مجلس الشورى المصري, فالحكومة تؤكد انتظارها لنتائح التحقيقات, مستبعدةً "التعمد" أو "الإرهاب" في الحادث, ورجال الأمن يواصلون عملية التبريد لحطام المبنى لليوم الثالث على التوالي تمهيداً لدخول المهندسين المتخصصين لتفقد المبنى الأثري الذي تحول لهيكل خارجي فقط..
أما المواطنون فحملوا رجال الإطفاء المسئولية, مشيرين إلى تأخرهم لمدة ساعة ونصف للوصول لمنطقة الحادث, وتساءلوا: كيف تنفق الحكومة 10 مليون جنيه على ترميم المبنى بدون توافر أجهزة إنذار للحريق أوحتى خرطوم مياة؟!!, وما الدور الذي يقوم به المجلس لمواجهة الحالة المتردية للمصريين؟..
تخبط المطافي
المصابون بالحادث أكدوا أيضاً تأخر عربات المطافي وعدم قدرتها على مواجهة الحريق, حيث تقول إحسان حسام الدين "موظفة بالقطاع الهندسي بالمجلس" إنها شاهدت قوات المطافئ متخبِّطة وغير منتظمة تحاول إطفاء الحريق بطريقةٍ غريبةٍ؛ فخراطيم المياه كانت ملفوفة حول بعضها البعض، وعربات المطافي اعتمدت على خزانات مياة صغيرة لشركة مياة القاهرة الكبرى, وأكدت أنه بمجرد ظهور النيران تم فصل التيار الكهربي مما ينفي أن يكون سبب الحريق ماس كهربائي.
أما علاء محمد "الموظف بالإدارة العامة للمحفوظات" أشار إلى احتراق عشرات الأوراق الهامة في الحريق، مؤكداً أن مكتب د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب طالته ألسنة النيران، كما انتقد الزحام الشديد الذي عطَّل وصولَ عربات الإطفاء، موضحًا أنه كانت هناك 3 عربات إطفاء لم تتمكَّن من الوصول للمكان الحريق؛ بسبب الازدحام المروري في شارع القصر العيني.
مجلس غائب
الكاتب الصحفي عادل حمودة ـ رئيس تحرير صحيفة الفجر ـ أكد أن المواطنين حولوا هذا الحريق إلى مادة خصبة للنكات, لأنهم لايشعرون بمجلس الشورى, ويعتقدون بأن النواب جاءوا بغير الطريق المريح لهم, كما لا يحسون بأن القوانين الصادرة عنه تعبر عن مشاكلهم وهمومهم, رافضاً أن يعاد بناء المجلس من قبل رجال الأعمال, فالحكومة هي الجهة الوحيدة المنوط بها إعادة بناء المبنى, حفاظاً على السلطات التشريعية ومنع سيطرة رأس المال عليها كغيرها من المؤسسات.
ودعا حمودة إلى تطوير المباني الحكومية في قلب القاهرة الحديثة والاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة كالكمبيوتر في حفظ الوثائق الحكومية, كما طالب بتقرير كامل يقدم لمجلس الشعب في افتتاح الدورة البرلمانية القادمة, وتقرير مشابه يرفع إلى النائب العام ويتضمن كل الحقائق والملابسات والأسباب.
إدارة الأزمات
أما النائب الوفدي مصطفى شردي فاكد أن الحريق يكشف عدم قدرتنا على مواجهة الأزمات بمصر, فالدول الأوربية لديها تدريبات على إخلاء المدن بالكامل في حالة الكوارث, إلا أننا نعيش في بطريقة "العين صابتني ورب العرش نجاني".
وأكد عدم وجود خراطيم مياة وغياب وسائل الإنذار بالكامل, فضلاً عن عدم تلقي عمال المطافي التدريبات الكافية التى تؤهلهم لمواجهة هذا الحريق, فالخبراء يؤكدون أن الحريق إذا لم يتم السيطرة عليه خلال الـ 15 دقيقة الأولى يصعب بنسبة كبيرة القضاء عليه.
كارثة كبيرة
صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى أكد أن الحريق يعد كارثة لأنه ضرب مبنى تاريخي يتجاوز عمره 200 عاماً, وشهد محاكمة الزعيم أحمد عرابي, كما استضافت قاعة "الدستور" وضع أول دستور لمصر في عام 1924, مشيراً إلى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاحتراق كبيرة, فالمبنى تم تجديد في عام 2005.
ونفي الشريف غياب عناصر الأمن الصناعي من المبنى, مشيراً إلى توافر عربة إطفاء داخل المجلس, لأن المبني خشبي قديم لايتحمل خزانات مياة للإطفاء الذاتي, ومع هذا تم السيطرة على الحريق في الدور الثالث إلا أن احتراق سقف الدور الثالث وسقوطه حد من قدرة أكثر من 80 سيارة مطافي على التغلب عليه.
شائعات مضللة
الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب رفض تحميل أي جهة مسئولية الحادث, مؤكداً أن الجهات كلها قامت بأدوارها وكانت كلها على مستوى المسئولية, إلا أن تطاير الشرر على الأماكن المجاورة, وقال:" لا أستطيع أن أقول أن طول مدة الأطفاء تعني تقصير هذه الجهات".
ونفى سرور احتراق أي مستندات وملفات داخل مبنى مجلس الشورى, مشيرا ًإلى أنة كافة الملفات البرلمانية موضوعة على الكومبيوتر في غرفة البيانات, وقال:" حسب علمي لايوجد أي ملفات احترقت, وما أحترق هو عبارة عن مجموعة من صور المستندات نحتفظ بأصولها في أماكن أخرى, الحريق لم يحدث لإخفاء أشياء معينة أو مستندات, وهذا الكلام شائعات من السذاجة والسخافة تصديقها".