vet4ever
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

vet4ever

..............(((((((((((((منتدي كلية الطب البيطري جامعة المنوفيه))))))))))))...............
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dr_poet
عضو vip
عضو vip
dr_poet


عدد الرسائل : 665
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 10/07/2008

دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) Empty
مُساهمةموضوع: دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)   دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) I_icon_minitimeالخميس يوليو 31, 2008 7:58 am

عبد المطلب جد النبي صلي الله عليه وسلم

كان عبد المطلب من سادات قريش، محافظاً على العهود، متخلقاً بمكارم الأخلاق، يحب المساكين، ويقوم على خدمة الحجيج، ويطعم في الأزمات، حتى كان يطعم الوحوش والطير في رؤوس الجبال، وكان شريفاً مطاعاً جواداً، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه، وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي.

وكان عبد المطلب يشغل منصب الرئاسة في قومه، فهو رئيس بني هاشم وبني المطلب في حرب الفجار، وكان في قومه شريفاً وشاعراً، ولم يدرك الإسلام.

وأسلم من أولاده، حمزة بن عبد المطلب ، و العباس ، و عاتكه ، و صفية ، ومن بناته أيضا: البيضاء أم حكيم ، برة بنت عبد المطلب ، و عاتكة أم عبد الله بن أبي أمية ، و صفية أم الزبير بن العوام ، وأروى أم آل جحش .

وكان عبد الله أحب الأبناء إلى قلب والده عبد المطلب حيث كانت له منزلة جليلة القدر، وحدث ذات مرة أن نذر عبد المطلب إن رزقه الله عشرة من الولد أن ينحر أحدهم، فلما رزقه الله عشرة من الولد، أقرع بينهم أيهم ينحر، فوقعت القرعة على عبد الله ابنه الأصغر، وكان أحب الناس إليه، فقال عبد المطلب: اللهم هو أو مائة من الإبل، ثم أقرع بينه وبين مائة من الإبل، فوقعت القرعة على مائة من الإبل. وهذه الحادثة فيها دلالة على حفظ الله تعالى لوالد النبي صلى الله عليه وسلم.

وبعد ذلك اختار عبد المطلب زوجة لابنه عبد الله ، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وكانت يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا، وأبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، فزوجه بها، فبنى بها عبد الله في مكة، ثم خرج بعد أشهر من بنائه بآمنة ، يضرب مناكب الأرض ابتغاء الرزق، وذهب في رحلة الصيف إلى الشام، فذهب ولم يعد، وبعدها عادت القافلة تحمل أنباء مرضه، وبعدها خبر وفاته، وكانت وفاته قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم،.

ولما ولدت آمنة النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت به إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له‏.‏ واختار له اسم محمد ـ وهذا الاسم لم يكن العرب يألفونه، لذلك سألوه: لم رغب عن أسماء آبائه؟ فأجاب: أردت أن يحمده الله في السماء، وأن يحمده الخلق في الأرض.

وقد رويت أخبار تبين مدى عناية عبد المطلب برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه آمنة ، فمن ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد حسن، أن عبد المطلب أرسل محمدا ذات مرة ليتبع إبلاً ضلت، فتأخر عليه حتى حزن حزنا شديدا، وعندما عاد محمد بالإبل أقسم ألا يبعثه في حاجة له أبدا ولا يفارقه بعد هذا أبدا.

ومما روي أيضا أن عبد المطلب كان يقرب رسول الله منه ، ولا يدع أحدا يدخل عليه وهو نائم، وكان لا ينام إلا ومحمد بجانبه، ولا يخرج من البيت إلا وهو معه، وكان له مجلس لا يجلس عليه غيره.

وظل عبد المطلب يحوط النبي صلى الله عليه وسلم ويضعه تحت رعايته، حتى أحس عبد المطلب بلحظة الفراق، فرأى من نفسه أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب ، ثم توفي عبد المطلب وعمر النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنوات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
dr_poet
عضو vip
عضو vip
dr_poet


عدد الرسائل : 665
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 10/07/2008

دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) Empty
مُساهمةموضوع: دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)   دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) I_icon_minitimeالخميس يوليو 31, 2008 8:00 am

حادثة الفيل

لقد توالت الأحداث العظيمة والآيات الربانية قبل البعثة النبوية، وكان من أهم الأحداث التي سبقت ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم وبعثته، حادثة تعرضت لها الكعبة المشرفة قص الله نبأها وسجل وقائعها في القرآن الكريم، فما خبر هذه الحادثة ؟ :

ذكرت كُتب السيرة أن أبرهة الحبشي كان نائباً للنجاشي على اليمن، فرأى العرب يحجون إلى الكعبة ويعظمونها، فلم يرق له ذلك، وأراد أن يصرف الناس عنها،فبني كنيسة كبيرة بصنعاء ليحج الناس إليها بدلاً من الكعبة، فلما سمع بذلك رجل من بني كنانة دخل الكنيسة ليلاً، فبال وتغوط فيها، فلما علم أبرهة بذلك سأل عن الفاعل، فقيل له: صنع هذا رجل من العرب من أهل البيت الذي تحج العرب إليه بمكة، فغضب أبرهة وحلف أن يذهب إلى مكة ليهدمها، فجهَّز جيشاً كبيرا، وأنطلق قاصداً البيت العتيق يريد هدمه، وكان من جملة دوابهم التي يركبون عليها الفيل- الذي لا تعرفه العرب بأرضها- فأصاب العرب خوفٌ شديد،ٌ ولم يجد أبرهة في طريقه إلا مقاومة يسيرة من بعض القبائل العربية التي تعظم البيت، أما أهل مكة فقد تحصنوا في الجبال ولم يقاوموه.

وجاء عبد المطلب يطلب إبلاً له أخذها جيش أبرهة، فقال له أبرهة : كنتَ قد أعجبتني حين رأيتُك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أخذتها منك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئتُ لهدمه، لا تكلمني فيه ! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يحميه، فقال أبرهة: ما كان ليمتنع مني ، قال عبد المطلب : أنت وذاك.وأنشد يقول:

لاهُمَّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك
لا يغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك
إن كنتَ تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك


وأما قريش ففروا من أرض الحرم إلى رؤوس الجبال، يحتمون بها، ويترقبون ما الذي سيحل بأبرهة وقومه.

فلما أصبح أبرهة عبأ جيشه، وهيأَ فيله لدخول مكة ، فلما كان في وادي محسر-بين مزدلفة ومنى- برك الفيل، وامتنع عن التقدم نحو مكة، وكانوا إذا وجهوه إلى الجنوب أو الشمال أو الشرق انقاد لذلك، وإذا وجهوه للكعبة برك وامتنع، وبينما هم على هذه الحال، إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل -ومعنى أبابيل يتبع بعضها بعضاً- مع كل طائر ثلاثة أحجار، حجر في منقاره وحجران في رجليه، لا تصيب منهم أحداً إلا تقطعت أعضاؤه وهلك.

أما أبرهة فقد أصابه الله بداء، تساقطت بسببه أنامله، فلم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل فرخ الحمام، وانصدع صدره عن قلبه فهلك شر هلكة. وقد أخبر الله تعالى بذلك في كتابه فقال: { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول } .

وقد حدثت هذه الواقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما تقريبا، وهو يوافق فبراير سنة 571م.

ووقعت في ظروف ساعدت على وصول خبرها إلى معظم أرجاء المعمورة المتحضرة في ذلك الزمن، فالحبشة كانت ذات صلة قوية بالرومان، والفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما ينزل بهم وبحلفائهم، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر في ذلك الزمان.

فلفتت هذه الواقعة أنظار العالم إلى شرف هذا البيت ومكانته، وأنه هو البيت الذي اصطفاه الله تعالى واختاره.

ويستفاد من هذه الحادثة عدد من العبر والفوائد :

أولها بيان شرف الكعبة، وأن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظها ورعايتها من غطرسة وتجبر أبرهة وقومه.

ويستفاد أيضا أن الصراع بين الحق والباطل، وبين الخير والشر دائم لا ينقطع، فأعداء الإسلام لا يفتؤون عن الصد عن دين الله، ومحاربة أوليائه.

وهذه الحادثة تعتبر آية ظاهرة ودلالة واضحة من دلائل النبوة، فكانت هذه الحادثة من باب التمهيد لمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لاسيما انه ولد صلى الله عليه وسلم في نفس العام.

وفي هذه الحادثة عبرة لكل طاغية متكبر متجبر في كل العصور والأزمان، لذا جاء فعل تَرَ في قوله (ألم تَرَ) بصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار والتجدد، فكل من طغى وتجبّر، سيكون عقابه ومصيره كمصير أبرهة وجيشه.

إن قصة الفيل وإن كانت حادثة عظيمة، وشأناً كبيراً، إلا أنها رمز واضح على نصرة الله تعالى لدينه ولبيته، فإذا كان أبرهة قد أهلكه الله، فإن أتباعه في كل مكان وزمان هالكون لا محالة، والله يمهل ولا يهمل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
dr_poet
عضو vip
عضو vip
dr_poet


عدد الرسائل : 665
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 10/07/2008

دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) Empty
مُساهمةموضوع: دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)   دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) I_icon_minitimeالخميس يوليو 31, 2008 8:01 am

نسب النبي صلي الله عليه وسلم

خلق الله تعالى الإنسان وكرمه وعلَّمه، وفضله على كثير من خلقه، وكان من مظاهر ذلك التكريم أن أقام سبحانه وشائج النسب والمصاهرة بين بني الإنسان، كما بين ذلك بقوله: { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا} (الفرقان:54) وكان مقصد حفظ الأنساب من المقاصد الأساسية التي اتفقت على رعايتها وحفظها جميع الشرائع السماوية، لذا وجدنا الأنساب والأعراق من أهم الأمور التي يتفاخر بها الناس، ويحرصون على إبرازها وإظهارها.

وكانت العرب أشهر من اعتنى بذلك وحرص عليه، ولذلك بعث الله رسوله من أفضل قبيلة وأشرف نسب، فكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، من فروع مضر التي هي أشهر قبائل العرب، - وهم الذين ينتسبون إلى نزار بن معد بن عدنان ، وقد أخرج البخاري عن كليب بن وائل قال: حدثتني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت أبي سلمة قال: ( قلت لها: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أكان من مضر؟ قالت: فممن كان إلا من مضر؟ من بني النضر بن كنانة )

وكان ذلك هو الحال في سائر الرسل الذين اقتضت حكمة الله أن يكونوا من ذوي الأنساب الأصيلة والأقوام العريقة، ولذلك كان أول سؤال سأل عنه هرقل أبا سفيان ، فقال : كيف نسبه فيكم؟ -يقصد النبي صلى الله عليه وسلم- فأجاب أبو سفيان : هو فينا ذو نسب -أي صاحب نسب شريف معروف- ثم قال هرقل في ختام الأسئلة: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تُبعث في نسب قومها. وهذه القصة رواها البخاري في صحيحه.

وقد ورد في شرف نسبه صلى الله عليه وسلم أحاديث صحاح منها ما رواه مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ) .

وقد اتفق أهل السير والأخبار على ذكر نسبه صلى الله عليه وسلم إلى عدنان ، فنسبوه بأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر - وهو قريش الذي تنسب له القبيلة_ بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

وأما ما بعد عدنان إلى إبراهيم عليه السلام فقد اختلف أهل السير في صحته، فمنهم من قال به، ومنهم من توقف فيه، قال ابن القيم رحمه الله: "إلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين ولا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان مختلف فيه ولا خلاف بينهم أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام" .

فمعدن النبي صلى الله عليه وسلم طيب ونفيس، فهو من نسل إسماعيل الذبيح ، و إبراهيم خليل الله، وهو بشارة أخيه عيسى عليه السلام، ودعوة أبينا إبراهيم عليه السلام، يقول عنه نفسه صلى الله عليه وسلم: ( إني عبد الله وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي آمنة التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته له نورا أضاءت لها قصور الشام ثم تلا: { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا * و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منير } ) رواه الحاكم وصححه الإمام الذهبي .

ثم انحصرت ذريته عليه الصلاة والسلام من بعده في ذرية الحسن و الحسين ابني علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فكل من انتسب إليهما فهو من ذريته عليه الصلاة والسلام.

وجملة القول: إن النبي صلى الله عليه وسلم خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق.

فحريُّ بالمسلم أن يكون على علم بهذا النسب الشريف، ومقام صاحبه صلوات الله وسلامه عليه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
dr_poet
عضو vip
عضو vip
dr_poet


عدد الرسائل : 665
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 10/07/2008

دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) Empty
مُساهمةموضوع: دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)   دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) I_icon_minitimeالخميس يوليو 31, 2008 8:03 am

جوانب من طفولة النبي صلي الله عليه وسلم


للعظماء شأنهم المبكر منذ ولادتهم ، فكيف إذا كان العظيم هو محمد صلى الله عليه وسلم ، سيد الخلق ، وأفضل الرسل ، وخاتم الأنبياء ، الذي أحاطته الرعاية الربانية ، والعناية الإلهية منذ الصغر ، بحيث تميّزت طفولته عن بقيّة الناس ، وكان ذلك من تهيئة الله له للنبوّة .

ففي صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل ، الذي يُوافق العشرين أو الثاني والعشرين من شهر إبريل سنة 571م ، وُلد أكرم الخلق - صلى الله عليه وسلم – في مكة المكرمة ، وفي أشرف بيت من بيوتها ، فقد اصطفاه الله من بني هاشم ، واصطفى بني هاشم من قريش ، واصطفى قريشاً من سائر العرب ، قال – صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله خلق الخلق ، فجعلني في خير خلقه ، وجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير فرقة ، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة ، وجعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً ، فأنا خيركم بيتاً ، وخيركم نفساً ) رواه أحمد .

ونسبه – صلى الله عليه وسلم – من أطهر الأنساب ، حيث لم يختلط بشيءٍ من سفاح الجاهليّة ، وتمتدّ أصول هذه الطهارة حتى تصل إلى آدم عليه السلام ، قال – صلى الله عليه وسلم – : ( خرجت من نكاح ، ولم أخرج من سفاح ، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء ) رواه الطبراني .

وقد نشأ - صلى الله عليه وسلم – يتيماً ، حيث توفّي والده عند أخواله في المدينة قبل مولده ، فتولى أمره جدّه عبد المطلب ، الذي اعتنى به أفضل عناية ، وشمله بعطفه واهتمامه ، واختار له أكفأ المرضعات ، فبعد أن أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب ، دفع به إلى حليمة السعدية ، فقضى النبي – صلى الله عليه وسلم – الأيّام الأولى من حياته في بادية بني سعد ، ليلقى من مرضعته حليمة كل عناية ، مع حرصها على بقائه عندها حتى بعد إكمال السنتين ، لما رأت من البركة التي حلّت عليها بوجوده – صلى الله عليه وسلم - ، حيث امتلأ صدرها بالحليب بعد جفافه ، حتى هدأ صغارها وكفّوا عن البكاء جوعاً ، وكانت ماشيتها في السابق لا تكاد تجد ما يكفيها من الطعام ، فإذا بالحال ينقلب عند مقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى زاد وزنها وامتلأت ضروعها باللبن ، ومن أجل ذلك تحايلت حليمة لإقناع والدة النبي – صلى الله عليه وسلم – بضرورة رجوعه إلى البادية بحجّة الخوف عليه من وباء مكّة .

وهكذا أمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سنواته الأولى في صحراء بني سعد ، فنشأ قوي البنية ، سليم الجسم ، فصيح اللسان ، معتمداً على نفسه ، حتى كانت السنة الرابعة من مولده ، حين كان - صلى الله عليه وسلم – يلعب مع الغلمان وقت الرعي ، فجاءه جبريل عليه السلام مع ملك آخر ، ، فأمسكا به وشقّا صدره ، ثم استخرجا قلبه ، وأخرجا منه قطعة سوداء فقال جبريل : " هذا حظ الشيطان منك " ، ثم غسلا قلبه وبطنه في وعاء من ذهب بماء زمزم ، ثم أعاده إلى مكانه ، والغلمان يشاهدون ذلك كلّه ، فانطلقوا مسرعين إلى مرضعته وهم يقولون : " إن محمداً قد قُتل، وأقبل النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يرتعد من الخوف ، فخشيت حليمة أن يكون قد أصابه مكروهٌ ، فأرجعته إلى أمّه ، وقالت لها : " أدّيت أمانتي وذمّتي " ، ثم أخبرتها بالقصّة ، فلم تجزع والدته لذلك ، وقالت لها : " إني رأيت خرج مني نورٌ أضاءت منه قصور الشام " .

وبهذه الحادثة الكريمة ، نال -صلى الله عليه وسلم- شرف التطهير من حظ الشيطان ووساوسه، ومن مزالق الشرك وضلالات الجاهليّة ، مع ما فيها من دلالةٍ على الإعداد الإلهيّ للنبوّة والوحي منذ الصغر .

ومكث النبي – صلى الله عليه وسلم - في مكّة يتربّى في أحضان والدته ، ولما بلغ عمره ست سنين توفيت أمه في قريةٍ يُقال لها " الأبواء " بين مكّة والمدينة ، فعوّضه جدّه عبدالمطلب حنان والديه ، وقرّبه إليه وقدّمه على سائر أبنائه ، وفي يومٍ من الأيام أرسل عبدالمطلب النبي – صلى الله عليه وسلم – للبحث عن ناقة ضائعة ، فتأخّر في العودة حتى حزن عليه جدّه حزناً شديداً ، فجعل يطوف بالبيت وهو يقول :

رب رد إلي راكبي محمدا رده رب إلي واصطنع عندي يدا

ولما عاد النبي – صلى الله عليه وسلم – قال له : " يا بني ، لقد جزعت عليك جزعاً لم أجزعه على شيء قط ، والله لا أبعثك في حاجةٍ أبداً ، ولا تفارقني بعد هذا أبداً " .

واستمرّت هذه الرعاية طيلة سنتين حتى توفّي عبدالمطلب وللنبي – صلى الله عليه وسلم – ثمان سنين ، فكفله عمّه أبو طالب وقام بحقه خير قيام ، وقدمه على أولاده ، واختصّه بمزيد احترام وتقدير ، ولم يزل ينصره ويبسط عليه حمايته ، ويُصادق ويُخاصم من أجله طوال أربعين سنة ، حتى توفّي قبيل الهجرة بثلاث سنين .

ومن هنا نرى كيف توالت الأحزان في طفولة النبي - صلى الله عليه وسلم – وتركت أثرها في قلبه ، وهو جزءٌ من التقدير والحكمة الإلهيّة في إعداد هذا النبي الكريم ؛ حتى لا يتأثّر بأخلاق الجاهلية القائمة على معاني الكبر والاستعلاء ، فكانت تلك الأحزان سبباً في رقّة قلبه واكتسابه لمكارم الأخلاق ، حتى صدق فيه وصف خديجة رضي الله عنه : " يحمل الكَلَّ، ويكسب المعدوم ، ويُقري الضيف ، ويُعين على نوائب الحق " .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
dr_poet
عضو vip
عضو vip
dr_poet


عدد الرسائل : 665
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 10/07/2008

دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) Empty
مُساهمةموضوع: دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)   دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة) I_icon_minitimeالخميس يوليو 31, 2008 8:04 am

رؤية في حياة النبي قيل البعثة

اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل أنبياءه ورسله بشراً كغيرهم ، لا يميّزهم سوى ما اختصّهم به سبحانه من أمور تتطلبها الرسالة وتقتضيها النبوّة ، فهم يشتركون مع سائر الناس في الصحّة والمرض ، والجوع والشبع ، ويسعون كغيرهم للبحث عن الرزق ، ويقومون بالأعمال التي يحتاج إليها الناس في حياتهم ، ولا يستقيم أمرهم إلا بها.

وسيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – غنيّةٌ بالمواقف الدالّة على مشاركته لقومه في الأنشطة المختلفة ، والتي كان من أبرزها ممارسته لرعي الأغنام في مراحل عمره الأولى ، وذلك لأنّ عمّه أبا طالب لم يكن لديه ما يكفيه من المال للقيام بشؤون أسرته ، فأراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يعينه على نفقاته ، فكان يأخذ الغنم من أهل مكّة ويرعاها مقابل أجرٍ معلوم .

وكانت هذه المهنة قاسماً مشتركاً بين الأنبياء جميعاً ، كما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( ما بعث الله نبيا إلا ورعى الغنم ) البخاري ، ومن خلال القيام بهذه المهنة تربّى الأنبياء وعلى رأسهم نبينا عليه الصلاة والسلام على معاني الصبر والتحمّل ، والرحمة والإحسان ، والتواضع للآخرين ، وغيرها من المعاني المهمّة في دعوتهم للناس .

ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم – مرحلة الشباب كان يخرج مع عمّه أبي طالب في رحلاته التجاريّة إلى الشام وما حولها ، فاستطاع خلال فترةٍ قصيرةٍ أن يتعلّم فنون التجارة ويعرف مداخلها ، حتى أصبح من التجّار المعروفين وانتشر خبره بين الناس ، كما استطاع – صلى الله عليه وسلم أن يكتسب ثقة الناس من خلال صدقه وأمانته ، حتّى إنهم لقّبوه بالصادق الأمين .

وكانت قريش تتعاقد مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في تجاراتها ، فسمعت به خديجة رضي الله عنها ، وعرضت عليه أن يشاركها ، فقبل ذلك وقام على استثمار أموالها ، ولم تمض فترة قصيرة حتى تزوّجها وأنجب منها الذرّية .

وفي مجال الحرب شارك النبي – صلى الله عليه وسلم - في الدفاع عن مكّة وهو ابن أربع عشرة سنة ، عندما أرادت هوازان الهجوم على الحرم واستباحة مقدّساته لقتال قريش ، واقتصرت مشاركته عندئذٍ على جمع السهام ومناولتها لأعمامه .

وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم – حضورٌ في الندوات والاجتماعات التي يعقدها قومه لبحث القضايا المهمة ، ومن ذلك دخوله فيما سمي بـ ( حلف الفضول) ، وهو عقدٌ تمّ بين مجموعةٍ من قبائل مكّة كان منها بنو هاشم وبنو عبد المطلب وبنو أسد وغيرها ، واتّفقوا على حماية المظلوم ونصرته ، ومواجهة الظالم مهما كانت مكانته وسلطته ، وقد مدح صلى الله عليه وسلم هذا الحلف وقال عنه : ( شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمُر النعم ، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت) رواه أحمد .

وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم – خمسة وثلاثين عاماً كان له دورٌ مهم في إعادة بناء الكعبة وتجديدها بعد أن تشقّقت جدرانها بفعل السيول والأمطار ، حيث شارك قومه في نقل الأحجار مع عمّه العباس بن عبد المطلب .

وقد اختاره قومه ليكون حكماً بينهم بعد أن اختلفوا في وضع الحجر الأسود ، فأشار عليهم أن يبسطوا رداء ويضعوا الحجر عليه ، ثم تحمله كل قبيلة من زاوية ، ويتولى بنفسه إعادة الحجر إلى الكعبة ، وبذلك استطاع أن يمنع معركة كادت أن تقع بينهم .

وخلال السنوات التي عاشها النبي – صلى الله عليه وسلم – في مكّة لم يطمئن قلبه إلى أحوال قومه من الشرك وعبادة الأوثان ، والخمر والفجور ، وغيرها من مظاهر الضلال والفسق ، مما دفعه إلى اعتزال قومه والخروج من هذا الواقع إلى " غار حراء " ، ليتفرّغ لعبادة الله وذكره ، والتفكّر في عظمة الكون وأسراره .

فكان يقيم في هذا الغار الليالي العديدة ، حتى ينتهي زاده من الطعام والشراب ، فيعود إلى أهله ويتزوّد مرّة أخرى ، كما ثبت في الحديث المتفق عليه أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( جاورت بحراء شهراً...) ، وبقي النبي – صلى الله عليه وسلم – على هذه الحال حتى جاءه الوحي في الأربعين من عمره .

وقد ساعدته هذه العزلة في صفاء روحه وتعلّقه بخالقه سبحانه وتعالى ، فكانت من الأسباب التي هيّأها الله تعالى للدور العظيم ، والمهمة الكبرى التي سيقوم بها ، وهي إبلاغ رسالة الله للناس أجمعين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دروس في السيرة النبوية 2 (من المولد الي البعثة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
vet4ever :: الركن الديني :: القران الكريم-
انتقل الى: