عادت قضية مقتل أشرف مروان لتتصدر المشهد من جديد في ظل محاولات الشرطة البريطانية ،وإسرائيل في حل لغز وفاته الغامضة قبل 12 شهراً من الآن وإذا كانت أسرته قد جلست أمس في ذكراه السنوية تستقبل كلمات العزاء والمواساة من جديد أوربما وقف أحدهم أمام قبره ليقرأ الفاتحة علي روحه في ذكري سقوطه قتيلاً من شرفة منزله في لندن، فإن الغريب أن لغز وفاة أشرف مروان علي قدر أهميته وخطورته بسبب ما أحاط بالرجل من شبهات وتهم حول تعامله مع الموساد الإسرائيلي يبدو أنه لا يشغل بال أحد في الدولة المصرية، علي الرغم من أن الرئيس بنفسه أكد في تصريح رسمي عقب وفاة مراون أنه بطل فعل لمصر الكثير، ومع ذلك تسير التحقيقات في مقتله بمعزل عن الدولة المصرية تماماً التي يبدو أنها تناست الموضوع أو أسقطته عمداً من حساباتها وذلك علي عكس مايدور في بريطانيا وإسرائيل تماماً خاصة بعدما أبدي فريق التحقيقات تحفظه علي بعض الاقتراحات التي تخص حادثة الوفاة وعلي رأسها مسألة انتحار مروان التي أصبحت أمراً غير مقبول لدي شرطة سكوتلاند يارد البريطانية التي عاينت موقع الحادث أكثر من مرة اقتنعت بعدها أنه مات مقتولاً. حيث رفض متحدث باسم شرطة سكوتلاند يارد للـ«بي بي سي» تحديد موعد لانتهاء تحقيقات الشرطة تمهيدا لبدء المحكمة الطبية الجنائية تحقيقها العلني في ملابسات الحادث لتقرير احتمال أن تكون هناك جريمة وراءه من عدمه.
وأضاف أن التحقيقات سوف تستمر لأجل غير محدد حتي يتم استنفاد كل خيوط التحقيق والسبل التي يمكن أن تؤدي لتفسير الحادث. ومن ناحيتها قالت المحكمة الطبية الجنائية، إنها تنتظر نتائج تحقيقات الشرطة لتجيب علي جميع التساؤلات قبيل تحديد موعد للتحقيق القضائي العلني في حادث وفاة مروان.
وقالت جوانا نيكول، مسئولة ملف القضية في المحكمة، لـ«بي بي سي» أنه «من المقرر أن يعقد اجتماع مع الشرطة في شهر سبتمبر المقبل للوقوف علي المرحلة التي بلغتها التحقيقات».
وأشارت إلي إنه بناء علي نتائج هذا الاجتماع سيتقرر إمكانية تحديد موعد الجلسة الأولي للمحكمة. وكان آخر اجتماع بين الجانبين قد عقد في شهر مايو الماضي. وجري الاتفاق علي إجراء المزيد من التحقيقات، إلا أن الأمر المثير للجدل والذي يغير مسار القضية بشكل حاد هو ما أكده المؤرخ الإسرائيلي «أهارون بريجمان» ـ الذي استدعته شرطة سكوتلاند يارد لسماع شهادته في قضية مروان ـ لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية من أن الشرطة البريطانية أصبحت غير مقتنعة بأن أشرف مروان كان يكتب مذكراته وطرحت عدداً من الأسئلة في هذا الشأن مؤكدة أن المذكرات التي قيل أنها اختفت من خزنته بعد مصرعه مباشرة لا وجود لها وإلا كان قد عثر علي الأقل علي نسخة منها أو حتي ظهر ناشر يؤكد اتفاق مروان معه علي نشرها. وهو الأمر الذي أشار تقرير الصحيفة الإسرائيلية بناء علي كلام أهارون إلي أن مروان بالفعل كان يقوم بإعداد كتاب تحت عنوان ماذا حدث في حرب أكتوبر يتضمن أجزاء من سيرته الذاتية ومانشر عنه عقب اتهامه بالتجسس لصالح إسرائيل.
صحيفة هاآرتس ذكرت في تقريرها أن بريجمان قدم للشرطة عدة أدلة تؤكد استمرار علاقته بأشرف مروان حتي الأيام الأخيرة من حياته وهي عبارة عن عدد من أشرطة «الأنسر ماشين» أو جهاز الرد التلقائي علي الهاتف والتي كان مروان قد ترك عليها عددا من الرسائل لبريجمان طلب في إحداها تحديد موعد للقاء بين الاثنين في نفس يوم وفاته، وهو الموعد الذي لم يتم بسبب موت مروان.
وذكرت الصحيفة أن الأدلة التي قدمها بريجمان للمحققين هي المادة التي جمعها لينشرها في كتاب عن أشرف مروان تحت اسم «كتاب الموتي» يتناول فيه دور أشرف مروان كعميل للمخابرات الإسرائيلية في فترة حرب أكتوبر 1973 والتي كانت عدة مصادر إسرائيلية قد أكدت أنه كان أول من حذر من هجمة مصرية محتملة وهو ما ينفيه الجانب المصري بشكل دائم.
وأكدت الصحيفة أن شرطة سكوتلاند يارد ـ بالرغم من سمعتها الممتازة ـ إلا أنها تعمل حاليا في جانب مظلم أو غامض من القضية، وأرجعت الصحيفة ذلك الي أن هناك أطرافاً خارجية تتدخل في الأمر ـ وهي أطراف مخابراتية في المقام الأول ـ تعرقل تقدم التحقيقات في مصرع مروان وتشوه ما حصلت عليه سكوتلاند يارد من معلومات تخص الحادثة.
وطبقاً لما ذ كرته الـ«بي بي سي» فإن نجل أشرف مروان رجل الأعمال المصري جمال مروان قد اشتكي بشدة من أن الأسرة ليست علي اطلاع بمجري التحقيقات ونتائجها. وهو ما يعود بنا مرة أخري إلي دول الحكومة المصرية وطريقة تعاملها مع قضية مروان، فإذا كان مروان بطلا كما قال السيد الرئيس وأكد، فلماذا تتجاهل الحكومة المصرية ذكراه ولماذا تتجاهل التحقيقات في مقتله بهذا الشكل، ولا تهتم حتي بتسهيل الاتصال بين أسرته وجهات التحقيق، إلا إذا كان هذا التجاهل يعني أن كلام الرئيس جاء لحفظ ماء الوجه ومحاولة نفي الادعاءات الإسرائيلية بأن مروان كان عميلاً للموساد، وأن عدم الاهتمام الواضح من جانب الدولة بقضية تنتفض إسرائيل بإعلامها وجهاتها الرسمية الآن من أجل معرفة آخر تفاصيل التحقيق فيها، بينما لم يتذكرها مصري واحده، لا يعني سوي شيء واحد فقط وهو أن أشرف مروان لم يكن بطلا كما قال الرئيس أو أن الدولة المصرية لا تهتم بالأبطال.