أتدري بماذا غفرتُ لك؟
يروى أن بعض أصحاب الشبلي رآه في النوم بعد موته، فقال له: ماذا فعل الله بك؟ قال الشبلي: أوقفني الله بين يديه وقال: يا أبا بكر، أتدري بماذا غفرت لك؟ قلت: بصالح عملي؟ قال: لا. قلت: بإخلاصي في عبوديتي؟ قال: لا. قلت: بحجي وصومي وصلاتي؟ قال: لا. لم أغفر لك بذلك. قلت: بهجرتي إلى الصالحين و إدامة أسفاري في طلب العلوم؟ قال: لا. قلت: فهذه يا رب هي المنجيات التي كنت أعقد عليها خنصري وظني أنك تعفو عني وترحمني. قال: كل هذه لم أغفر لك بها. قلت: فَبِمَ يا رب؟ قال: أتذكر حين كنت تمشي في دروب بغداد، فوجدت هرة صغيرة قد أضعفها البرد، وهي تنزوي من جدار إلى جدار من شدة البرد والثلج، فأخذتها رحمة لها، وأدخلتها في فروٍ كان عليك وقاية لها؟ قلت: نعم! قال: برحمتك لتلك الهرة رحمتك.
من كتاب "تاريخ دمشق" لابن عساكر.