في مدخل " الحمراء " كان لقاؤنا
ما اطيب اللقيا بلا ميعادا
عينان سوداوان في حجريهما
تتولد الابعاد من ابعاد
هل انت اسبانية؟ سائلتها
قالت : و في غرناطة ميلادي
غرناطة، و صحت قرون سبعة
في تينك العينين بعد رقاد
وامية راياتها مرفوعة
وجيادها موصولة بجياد
ما اغرب التاريخ كيف اعادني
لحفيدة سمراء من احفادي
وجه دمشقي رايت خلاله
اجفان بلقيس و جيد سعاد
ورايت منزلنا القديم و حجرة
كانت بها امي تمد وسادي
والياسمينة رصعت بنجومها
والبركة اللهبية الانشاد
دمشق اين تكون؟ قلت : ترينها
في شعرك المنساب نهر سواد
في وجهك العربي في الثغر الذي
ما زال مختزنا شموس بلادي
في طيب جنات " العريف " و مائها
في الفل في الريحان في الكباد
سارت معي و الشعر يلهث خلفها
كسنابل تركت بغير حصادي
يتالق القرط الطويل في جيدها
مثل الشموع بليلة الميلادي
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريخ كوم رمادي
الزخرفات اكاد اسمع نبضها
والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا " الحمراء " زهو جدودنا
فاقرا على جدرانها امجادي
امجادها، ومسحت جرحا نازفا
ومسحت جرحا ثانيا بفؤادي
يا ليت وارثتني الجميلة ادركت
ان الذين عنتهم اجدادي
عانقت فيها عندما ودعتها
رجلا يسمى " طارق بن زياد "
نزار قباني ،