vet4ever
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

vet4ever

..............(((((((((((((منتدي كلية الطب البيطري جامعة المنوفيه))))))))))))...............
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صور من حياة الصحابه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:35 am

((ابو بكر الصديق)) رضي اللة عنة


--------------------------------------------------------------------------------



هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب الصديق التيمي القرشي، لقبه الصديق والعتيق.

نشئتة
ولد ونشأ بمكة، وكان سيداً من سادات قريش، محيطاً بأنساب القبائل وأخبارها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش.
حياتة

اشتغل بالتجارة، وجمع ثروة كبيرة، وعندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم
كان أول من آمن به، وهو رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة،
وثاني اثنين في الغار، أقطعه صلى الله عليه وسلم داراً قرب المسجد النبوي.


مشاهدة
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً،
وثبت حين انكشف المسلمون، كما شهد معه المشاهد كلها، وحمل الراية العظمى
في غزوة تبوك، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في أول
حجة كانت في الإسلام.

ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم واشتد
وجعه قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس)) فقالت عائشة: يا رسول الله إن
أبا بكر رجل رقيق، وإذا قام مقامك لم يكن يسمع الناس، قال: ((مروا أبا بكر
فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف))، وعندما شعر صلى الله عليه وسلم بخفة
دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه
وسلم أن قم كما أنت، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ومقتدياً
بأبي بكر. وهذا من التكريم والتشريف له رضي الله عنه.
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، وثبت أبو بكر، واستطاع أن يردهم إلى صوابهم.


مبايعتة

بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هجرية، فأنفذ بعث أسامة الذي
جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحارب المرتدين والممتنعين عن الزكاة،
وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، وأوصى بالخلافة بعده
لعمر بن الخطاب.

كان رضي الله عنه إمام المسلمين في صلواتهم، وخطيبهم في الجمع والأعياد والمواسم.

له مناقب عظيمة، ومواقف جليلة، فقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وأنفق
ماله كله في سبيل الله، واحتمل الشدائد، وقال عنه صلى الله عليه وسلم:
((إنه ليس من الناس أحدٌ أمنّ علي في نفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت
متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، ألا لا
يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)).

رأى الرسول صلى
الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين فقال: إن هذين لسيدا كهول أهل الجنة
من الأولين والآخرين، كهولهم وشبابهم، إلا النبيين والمرسلين.

اولادة

له من الأولاد: عبد الله، وأسماء ذات النطاقين، وعبد الرحمن، وعائشة أم المؤمنين، ومحمد، وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين.


خلافتة

كانت مدة خلافته سنتين وستة أشهر ونصف الشهر

وفاتة:

توفي في المدينة في العام الثالث عشر للهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:37 am

الفاروق (( عمر بن الخطاب )) رضي الله عنه

عمر بن الخطاب هو ثاني الخلفاء الراشدين و أول من تسمى بلقب أمير
المؤمنين، كان من أصحاب محمد بن عبد الله رسول الإسلام، إسمه عمر بن
الخطاب بن نوفل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن
لؤي. وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب محمد بن عبد الله رسول الإسلام. أمه حنتمة
بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن
علماء الصحابة وزهادهم. أول من عمل بالتقويم الهجري.

لقبه الفاروق. وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد، وقد لقب بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم.

أنجب اثنا عشر ولدا، ستة من الذكور هم عبدالله وعبد الرحمن وزيد وعبيدالله
وعاصم وعياض، وست من الإناث وهن حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد.


ولادته

ولد قبل بعثة سيدنا رسول الله الرسول بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم
أسلم تسعة وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة
أيام.

إسلامه

ظلَّ عمر على حربه للمسلمين وعدائه للنبي
حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ عمر يشعر بشيء من الحزن والأسى
لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه
على الخلاص من محمد؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين
الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم،
وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال:
أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره
بإسلام أخته "فاطمة بنت الخطاب"، وزوجها "سعيد بن زيد بن عمر" (رضي الله
عنه)، فأسرع "عمر" إلى دارهما، وكان عندهما "خبَّاب بن الأرت" (رضي الله
عنه) يقرئهما سورة "طه"، فلما سمعوا صوته اختبأ "خباب"، وأخفت "فاطمة"
الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها،
فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى
حيث النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج
إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال
له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل
بالوليد بن المغيرة؟ فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله
وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون، فقال عمر: يا رسول
الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟
فخرج المسلمون في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم
تصبها مثلها، وكان ذلك أول ظهور للمسلمين على المشركين، فسمَّاه النبي
(صلى الله عليه وسلم) "الفاروق" منذ ذلك العهد


بيعة عمر

رغب ابو بكر الصديق في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده،
واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين
وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : (اللهم علمي به أن
سريرته أفضل من علانيته، وأنه ليس فينا مثله) وبناء على تلك المشورة وحرصا
على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من
بعده، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم، وخفت
عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم
خيرهم وأقواهم عليهم). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين
قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي، ولا
وليت ذا قربى، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد
المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة (13 هـ).

الهجرة إلى المدينة

كان إسلام "الفاروق" عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست
وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل "عمر" في الإسلام
بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه
في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ
المسلمون يهاجرون إلى "المدينة" فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا
يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة
فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: "من
أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".

وفي "المدينة" آخى النبي (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين "عتبان بن مالك"
وقيل: "معاذ بن عفراء"، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت
تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة، من شخصية "عمر"، وأصبح له دور بارز في
الحياة العامة في "المدينة".

موافقة القرآن لرأي عمر

تميز "عمر بن الخطاب" بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف
بغيرته الشديدة على الاسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن
الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها:
قوله للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام
إبراهيم مصلى: فنزلت الآية (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة:
125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن
أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء
حجاب) [الأحزاب: 53].

وقوله لنساء النبي (صلى الله عليه وسلم)
وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا
منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.

ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي
"عمر" في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "جعل
الله الحق على لسان عمر وقلبه".

وروي عن ابن عمر: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه".


خلافته

بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة
"أبي بكر الصديق" [22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].

وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة
الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على
الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في
معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه
الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس
يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق
للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة" لم يستجب لهم، وهو
ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة
آلاف من جيش المسلمين.


الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق

بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى "المثنى بن
حارثة" إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار
الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح
في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على
المسلمين، ففاجأهم "المثنى" بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر
"البويب" الذي سميت به تلك المعركة.

ووصلت أنباء ذلك النصر إلى
"الفاروق" في "المدينة"، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس،
ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون
على رأس الجيش، ورشحوا له "سعد بن أبي وقاص" فأمره "عمر" على الجيش الذي
اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية".

وأرسل "سعد" وفدًا من
رجاله إلى "بروجرد الثالث" ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في
ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف
وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة
أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في "القادسية"، ومني جيش الفرس بهزيمة
ساحقة، وقتل قائده "رستم"، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في
التاريخ الإسلامي، فقد أعادت "العراق" إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع
لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد
من الفتوحات.

الطريق من المدائن إلى نهاوند

أصبح الطريق
إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر
"دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر
الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما
أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق
إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.

بعد فرار ملك الفرس من
"المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف
جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع
الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا
بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"،
ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس،
فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح".

فتح مصر
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء
نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح
الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو
بن العاص" من فتح "مصر" في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم
فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم
جيش الرومان بقيادة "أرطبون" ثم حاصر "حصن بابليون" حتى فتحه، واتجه بعد
ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها جزءًا من
الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.

وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا،
فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم
وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان
الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم
بالضرائب الكثيرة.

عمر أمير المؤمنين

كان "عمر بن
الخطاب" نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام
الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة
وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين،
ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة
وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أنه بينما كان يعس بالمدينة إذا بخيمة يصدر
منها أنين امرأة، فلما اقترب رأى رجلا قاعدًا فاقترب منه وسلم عليه، وسأله
عن خبره، فعلم أنه جاء من البادية، وأن امرأته جاءها المخاض وليس عندها
أحد، فانطلق عمر إلى بيته فقال لامرأته "أم كلثوم بنت علي" ـ هل لك في أجر
ساقه الله إليك؟ فقالت: وما هو؟ قال: امرأة غريبة تمخض وليس عندها أحد ـ
قالت نعم إن شئت فانطلقت معه، وحملت إليها ما تحتاجه من سمن وحبوب وطعام،
فدخلت على المرأة، وراح عمر يوقد النار حتى انبعث الدخان من لحيته، والرجل
ينظر إليه متعجبًا وهو لا يعرفه، فلما ولدت المرأة نادت أم كلثوم "عمر" يا
أمير المؤمنين، بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الرجل أخذ يتراجع وقد أخذته
الهيبة والدهشة، فسكن عمر من روعه وحمل الطعام إلى زوجته لتطعم امرأة
الرجل، ثم قام ووضع شيئًا من الطعام بين يدي الرجل وهو يقول له: كل ويحك
فإنك قد سهرت الليل!

وكان "عمر" عفيفًا مترفعًا عن أموال
المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي
كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه
شيئا.

وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.

وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل،
وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها
أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها.

عدل عمر وورعه

كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر
بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: "والله لو أن بغلة
عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق".

وكان "عمر" إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله
عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون
لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.

واستشعر عمر
خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم
أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.

وقد بلغ من شدة
عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر"
في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام
الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا
منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض
الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه
عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي
إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!

إنجازات عمر الإدارية والحضارية

وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل
من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من
دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال،
وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير
الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عهده،
فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه
أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال،
وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي
الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.


فتحت في عهده بلاد
الشام و العراق و فارس و مصر و برقة و طرابلس الغرب وأذربيجان و نهاوند و
جرجان. و بنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من
الجزيرة العربية الى الشام.

مماته

كان عمر يتمنى
الشهادة في سبيل الله و يدعو ربه لينال شرفها : (اللهم أرزقني شهادة في
سبيلك و اجعل موتي في بلد رسولك). و في ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة
الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي (غلاما للمغيرة بن شعبة) عدة طعنات
في ظهره أدت الى مماته ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة
ثلاث و عشرين من الهجرة، و لما علم قبل وفاته أن الذي طعنه مجوسي حمد الله
تعالى أن لم يقتله مسلم. و دفن الى جوار سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وسلم و سيدنا أبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة
الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:38 am

عثمان بن عفان
ذي النورين



"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"
حديث شريف


هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه
مع رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد
عام الفيـل ، نشأ في بيت
كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء
فكان محبوبا في قومه
أثيـرا لديهم000


إسلامه

كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة
من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل
ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن
أمية فأوثقه رباطاً وقال أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين
محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا
الديـن )000فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه )000
فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000
فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر
الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة
وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول -
صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي000


حياءه

قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن
له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن
عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم
انصرف ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك
ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت :
فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !)000فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت
إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وقد قال
فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحي من رجل
تستحي منه الملائكة )000


ذو النورين

تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته وقال والذي نفسي بيده
لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000


مناقبه

رويَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عدّة في ذِكْر
مناقب عثمان منها000(إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله
بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000
دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه
أصحابي بي خُلُقاً )000


أوائل

كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة
بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأول من شيَّد المسجد
وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000


بئر رومة

أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك
شرائه لبئر رومة ، فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة تمنى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو يجد من بين أصحابه من
يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة
فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه
ووهبها للمسلمين000


يوم الحديبية

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان الى قريش يوم
الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم
أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً
لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص
حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلّغ
رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان
وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ
من رسالة رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال
ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )
000واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد
قتل ، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس الى البيعة ، فكانت بيعة
الرضوان تحت الشجرة ، وفيها ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على
يمينه وقال هذه يدُ عثمان )
فقال الناس هنيئاً لعثمان )000


جيش العسرة

ولما حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تجهيز جيش غزوة
تبوك الذي سمي بجيش العسرة ، سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا
له قائلا غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000كما قال الرسول -
صلى الله عليه وسلم- ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000


الخلافة

لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة
علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام
، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف )000 في مدة أقصاها ثلاثة أيام من
وفاته حرصا على وحدة المسلميـن ، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا
على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة
سنة ( 23 هـ ) فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000


انجازاته

استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد
الحرام000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية
بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس
عشر حجج متوالية000


الفتوحات

فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ،
ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في
البحر ثم ساحل الأردن0000وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء
الإسلامية من هجمات البيزنطيين000


الفتنة

في
أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد
بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام
وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا
يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر
والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم
نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم
الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند
مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا
شرا وتواعدوا على الحضور
ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن
سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000


استشهاده

وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي
أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر
عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين
يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل
ومن الماء ، ولما رأى بعض
الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل
من أجله قطرة دم لمسلم ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار
أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه
نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه
-رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات
شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع
وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:39 am

خالد بن الوليد...سيف من سيوف الله




خالد أهل السنة - شبكة الدفاع عن السنة


هو:
أبو سليمان
خالد بن الوليد
ابن المغيرة بن عبد الله
ابن عمر بن مخزوم
ابن يقظة بن كعب
سيف الله المسلول
على المشركين
قائد المجاهدين
القرشي المخزومي المكي
توفي رضي الله عنه في رمضان 21هـ

له من الأولاد أربعة ذكور
وهم:
سليمان بن خالد بن الوليد
والوليد بن خالد بن الوليد
ومهاجر بن خالد بن الوليد
وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد

وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها
هي ابنة عم خالد بن الوليد رضي الله عنه
فهي هند بنت سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
وخالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم

أسلم سنة سبع للهجرة
وذلك بعد فتح خيبر
وقيل قبلها
وبعد مبايعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم
شهد غزوة مؤتة مع زيد بن حارثة
فلما استشهد الأمير الثالث
وهو عبد الله بن رواحة
أخذ الراية من غير إمرة ففتح له

وكان من كتبة رسائل النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
قال ابن القيم :
فقد ذكر أهل السيرة أسماء الصحابة
الذين كانوا يكتبون الوحي أو الرسائل للرسول صلى الله عليه وسلم
وهم :
أبو بكر الصديق
وعمر بن الخطاب
وعثمان بن عفان
وعلي بن أبي طالب
والزبير بن العوام
وعامر بن فهيرة
وعمرو بن العاص
وأبي بن كعب
وعبد الله بن الأرقم
وثابت بن قيس بن شماس
وحنظلة بن الربيع الأسيدي
والمغيرة بن شعبة
وعبد الله بن رواحة
وخالد بن الوليد
وخالد بن سعيد بن العاص
وقيل : إنه أول من كتب له
ومعاوية ابن أبي سفيان
وزيد بن ثابت - وكان ألزمهم لهذا الشأن وأخصهم به
زاد المعاد 1 / 117

وأخرج الترمذي بسند رجاله ثقات
كما قال الحافظ ابن حجر:
عن أبي هريرة قال:
نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً
فجعل الناس يمرون
فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا؟
فأقول: فلان
حتى مر خالد
فقال: من هذا؟
قلت: خالد بن الوليد
فقال: نِعْمَ عبد الله هذا سيف من سيوف الله
وروى الطبراني في الكبير
وابن سعد في الطبقات
والحاكم في المستدرك
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه
عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعًا:
لا تؤذوا خالدًا
فإنه سيف من سيوف الله صبه الله على الكفار
روى ابن حجر المطالب العالية 4/277
لا تسبوا خالداً فإنه من سيوف الله – عز وجل - سله الله – تعالى –-على الكفار
إسناده صحيح

وروى ابن حجر المطالب العالية 4/277
قال خالد بن الوليد رضي الله عنه :
لقد منعني كثيرا من القراءة الجهاد في سبيل الله – تعالى
صحيح

وفي صحيح البخاري
عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن الوليد قال:
لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما صبرت معي إلا صفيحة يمانية

وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها
وشهد حنينًا والطائف
وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العزى فهدمها
وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة
فأُسر فأتوه به فحقن دمه وصالحه على الجزية
وأرسله أبو بكر إلى قتال أهل الردة
فأبلي في قتالهم بلاء عظيمًا
ثم ولاَّه حرب فارس والروم
فأثر فيهم تأثيرًا شديدًا وفتح دمشق

روى ابن حجر في الإصابة 1/414 :
عن خيثمة قال :
أتى خالد بن الوليد رجل معه زِق خمرٍ
فقال : اللهم اجعله عسلاً
فصار عسلاً
إسناده صحيح

وفي كتاب الجهاد لابن المبارك عن أبي وائل قال:
لما حضرت خالدًا الوفاة
قال: لقد طلبت القتل مظانه
فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي
وما من عملي شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله
من ليلة بتها وأنا متترس
والسماء تهلني تمطر
إلى صبح حتى نغير على الكفار
ثم قال:
إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي
فاجعلوه عدة في سبيل الله

وفي الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة
فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله
وفيه: وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا
قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله

نقل ابن القيم في الجواب الكافي 130
عن خالد بن الوليد
أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلاً ينكح
كما تنكح المرأة
فكتب فيه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه
فاستشار أبو بكر الصديق الصحابة رضي الله عنهم
فكان علي بن أبي طالب أشدهم قولاً فيه
فقال : ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة
وقد علمتم ما فعل الله بها
أرى أن يحرق بالنار
فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه

وروى ابن حجر الإصابة 3/272
عن قيس قال :
أمّنا خالد بن الوليد يوم اليرموك في ثوب واحد وخلفه الصحابة
إسناده صحيح

وعند ابن ماجه:
أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن
وعن يمينه ابن عباس وعن يساره خالد بن الوليد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس:
أتأذن لي أن أسقي خالداً
قال ابن عباس:
ما أحب أن أوثر بسؤر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي أحداً
فأخذ ابن عباس فشرب وشرب خالد
حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه 2766

وتنازع خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما في أمرٍ
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد:
"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده
لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه"

وهومن الأدلة على أن الصحابة رضوان الله عليهم
مراتبهم وفضائلهم
عامة وخاصة
فهم أفضل من غيرهم على سبيل الإطلاق والعموم في المرتبة والفضل
لايُساميهم ولايجاريهم أحد ألبتّة
ويكون للواحد منهم فضيلة ومنقبة وخصلة خاصة
هو أفضل من أخيه الآخر فيها
وللآخر منهم فضيلة ومنقبة وخصلة خاصة
هو أفضل من أخيه الآخر فيها

وجاء في صحيح البخاري مايلي:
‏(بعث النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏ خالد بن الوليد ‏ ‏إلى ‏ ‏بني جذيمة
‏ ‏فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا
فقالوا ‏ ‏صبأنا ‏ ‏صبأنا
‏ ‏فجعل ‏‏ خالد ‏ ‏يقتل ويأسر
ودفع إلى كل رجل منا أسيره
فأمر كل رجل منا أن يقتل أسيره
فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره
فذكرنا ذلك للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال :
‏ ‏اللهم إني أبرأ إليك مما صنع ‏‏ خالد بن الوليد ‏ ‏مرتين) ‏
ويتضح من هذا الحديث أمور:
1- أن الصحابي غير معصوم
2- خالد بن الوليد قرشي وكانت قريش يقولون لكل من أسلم صبأ
حتى اشتهرت هذه اللفظة وصاروا يطلقونها في مقام الذم
ومن ثم لما أسلم ثمامة ابن أثال وقدم مكة معتمراً
قالوا له : صبأت ؟ قال : لا بل أسلمت
فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت استعملها هؤلاء
3- خالد بن الوليد حمل هذه اللفظة على ظاهرها
لأن قولهم صبأنا أي خرجنا من دين إلى دين
ولم يكتف خالد بذلك حتى يصرحوا بالإسلام
4- قال الخطابي : يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام
لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين فقتلهم متأولاً قولهم
5- النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تبرأ من فعل خالد ولم يتبرأ من خالد نفسه!
6- النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يعزل خالداً عن الإمارة
بل مازال يؤمرُه ويقدمه
لأن الأمير إذا جرى منه خطأ أو ذنب أمر بالرجوع عن ذلك
وأُقرّ على ولايته
ولم يكن خالد معانداً للنبي صلى الله عليه وسلم
بل كان مطيعاً له، ولكن لم يكن في الفقه والدين بمنزلة غيره
فخفي عليه حكم هذه القضية
7- لايؤاخذ المسلم بخطئه حتى تقوم عليه الحجة وتزول عنه الشُبهة
8- براءة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يدل على خوفه من المؤاخذة وعظيم تقواه

وأما أمره بقتل مالك بن نويرة في حروب المرتدين
فإن مالك بن نويرة مانع للزكاة ومنكر لوجوبها
فقد قال له خالد بن الوليد وهو أسير بين يديه:
ألم تعلم أنها قرينة الصلاة ؟
فقال مالك بن نويرة :
إن صاحبكم كان يزعم ذلك!!
فقال: أهو صاحبنا وليس بصاحبك؟؟
فأمر بضرب عنقه
فضربت عنقه

وقيل: إن خالداً لما أسره ومن كان معه في ليلة باردة
فنادى مناديه أن ادفئوا أسراكم
فظن القوم أنه أراد القتل فقتلوهم
وقتل ضرار بن الأزور مالك بن نويرة
فلما سمع الداعية خرج وقد فرغوا منهم
فقال: إذا أراد الله أمراً أصابه

وهذا كله إما بحقٍ أو بتأويل
وإذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران
وإذا أخطأ فله أجر واحد وذنبه مغفور

وأمّا أنه تزوج بامرأة مالك بن نويرة فهذا لايصح
إسناده منقطع ابن حجر الإصابة 3/357

يقول الذهبي رحمه الله :
( فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم
وجهاد محّاء
وعبادة ممحّصة
ولسنا ممن يغلو في أحد منهم
ولا ندعي فيهم العصمة )
سير أعلام النبلاء 10 / 93

" ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم "
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:40 am

أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه






هذا الصحابيُّ الجليلُ يُدْعَى خالدَ بنَ زيدِ بنِ كُلَيبٍ ، من بني النجَّار.

أمَّا كُنْيَتُه فأبو أيوبَ، وأما نِسْبَتُهُ فإلى الأنصار.

ومن مِنَّا مَعْشَرَ المسلمين لا يعْرفُ أبا أيوبَ الأنصاريَّ؟!

فقد رَفَعَ اللّهُ في الخافِقَيْن (1) ذِكْرَه، وأعْلَى في الأنامِ (2)
قدْرَه حينَ اخْتارَ بيتَه من دون بيوتِ المسلمين جميعاً لِينزلَ فيه
الكريمُ لَمَّا حَلَّ في المدينَةِ مهاجراً، وحَسْبُه بذلك فَخْراً.

ولِنُزولِ الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه في بيتِ أبى أيوبَ قِصَّةٌ يَحْلو تَرْدادُها ويلَذّ تكْرارُها.

ذلك أنَّ النبيَّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ حينَ بَلَغ المدينةَ تلَقتْه أفْئِدَةُ أهْلِها بأكْرَم ما يُتَلَقَّى به وافدٌ...

وَتَطَلَّعَتْ إليه عيونُهم تَبُثُّه شوقَ الحبيبِ إلى حبيبه...

وفتحوا له قلوبَهم ليحلَّ مِنْها في السُّوَيداءِ...


وأشْرَعوا (3) له أبوابَ بيوتِهم لِيَنْزِلَ فيها أعزَّ مَنْزِل.

لكنَّ الرسولَ صَلَواتُ اللّهِ عليه، قَضَى في قُبَاءَ (4) من ضواحِي
المدينةِ أيَاماً أربعةً، بَنَى خِلالَها مَسْجِدَه الذي هو أولُ مَسْجِدٍ
أسّس على التَّقْوى.

ثم خَرَجَ منها راكِباً ناقَته، فَوقَفَ
ساداتُ يثربَ في طريقها، كُل يريدُ أن يَظْفَرَ بِشَرَفِ نزولِ رسولِ
اللّهِ صلى الله عليه وسلم في بيتِه...

وكانوا يَعْتَرِضون الناقَةَ سَيِّداً إثْرَ سيِّدٍ ، ويقولون:

أقم عندنا يا رسول اللّه في العَدَد والعُدَد والمَنَعِة (5)، فيقولُ لهم:

دعوها فإنَّها مأمُورَة.

وتظلُّ الناقَةُ تَمْضِى إلى غايتِها تَتْبَعُها العيونُ، وتَحُفُّ بها القلوب...

فإذا جازَت منزِلاً حَزِنَ أهلُه وأصابَهُمُ اليأسُ، بينما يُشْرِقُ الأمَلُ في نفوسِ من يليهم.

وما زالَتِ الناقةُ على حالها هذه، والناسُ يَمْضُون في إثْرِها، وهُمْ
يتلهَّفون شَوْقاً لمعرفةِ السَّعِيدِ المحظوظِ حتَّى بلغتْ ساحَة خَلاءً
أمامَ بيتِ أبى أيوب الأنْصاريِّ، وبَرَكَتْ فيها...

لكِنَّ الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ لم ينزِلْ عنها...

فما لَبِثَتْ أن وَثَبَتْ وانْطَلَقَتْ تَمْشِى، والرسولُ مُرْخ لها
زِمامَها، ثم ما لبِثَتْ أنْ عادَت أدْراجَها وبَرَكَتْ في مَبْرَكِها
الأوَّلِ.

عند ذلك غَمَرَتِ الفَرْحَةُ فؤادَ أبى أيوبَ
الأنصاريِّ، وبادَرَ إلى رسولِ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه يُرَحِّبُ به،
وحَمَلَ مَتاعَه بَيْنَ يديه، وكأنَّما يَحْمِل كنوزَ الدنيا كلَّها ومضَى
به إلى بيته.


***

كان منزلُ أبي أيوبَ يتألَّفُ من
طَبَقَةٍ فَوْقَها عُلِّيَّة، فأخْلَى العُلِّيةَ من مَتاعِه ومتاع أهلِه
ليْنزِلَ فيها رسولَ اللّهِ...

لكِنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلامُ آثرَ عليها الطبقةَ السُّفْلَى، فامتثلَ أبو أيوبَ لأمْرِه، وأنزلَهُ حيثُ أحَـبَّ.

ولما أقْبَلَ الليلُ، وأوَى الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه إلى فراشِه،
صَعِدَ أبو أيوبَ وزوجُه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابَهما
حتَّى التفَت أبو أيوب إلى زوجتِه وقال: ويْحَكِ، ماذا صَنَعْنَا ؟!!

أيكونُ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أسفلَ، ونحن أعْلَى منه؟!!

أنمشي فوقَ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟!

أنصيرُ بين النَّبِيِّ والوَحْي ؟! إنَّا إذَنْ لهَالِكون.

وسُقِطَ (6) في أيدي الزوْجين وهُما لا يدْرِيان ما يفعلان.

ولم تَسْكنْ نفساهما بَعْضَ السُّكونِ إلا حينَ انْحازا إلى جانبِ
العُلِّيَّةِ الذي لا يَقَعُ فوقَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ،

والتَزَماه لا يَبْرَحانِه إلا ماشِيَيْن على الأطرَافِ مُتباعِدَين عن الوَسَطِ.

فلما أصْبَحَ أبو أيوب؛ قال للنبيِّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ: واللّهِ ما أغْمضَ لنا جفنٌ في هذه الليلةِ لا أنا ولا أمّ أيوبَ.

فقال عليه الصلاةُ السَّلامُ:

ومِمَ ذاكَ يا أبا أيوبَ؟!

قال: ذكرتُ أني على ظَهرِ بيتٍ أنتَ تحتَـه، وأني إذا تحَرَّكتُ تَنَاثَرَ
عليك الْغُبَارُ فَآذاك، ثم إني غَدَوْتُ بينَك وبينَ الوَحي.

فقال له الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ:


هوِّن عليك يا أبا أيوب، إنَّه أرْفَقُ بنا أنْ نكونَ في السُّفْلِ، لِكَثْرَةِ من يَغشانا (7) من النَّاسَ.

قال أبو أيوبَ:

فامتَثَـلْتُ لأمْرِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أن كانَت ليلةٌ
باردةٌ فانكَسَرَتْ لنا جَرَّةٌ وأريقَ ماؤها في العُلِّيَّة، فقمتُ إلى
الماءِ أنا وأمُّ أيوبَ، وليسَ لدينا إلا قطيفَةٌ كُنَّا نَتَّخِذُها
لِحَافاً، وجَعَلْنَا نُنشِّفُ بها الماءَ خَوْفاً مِنْ أنْ يَصِلَ إلى
رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم .

فلما كان الصباحُ غدوتُ على الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه، وقلتُ:

بأبي أنتَ وأمِّي، إني أكْرَهُ أنْ أكونَ فوقَكَ، وأن تكـونَ أسفَلَ مني،
ثم قَصصْتُ عليه خَبَرَ الجرَّةِ، فاسْتَجَاب لي، وصَعِدَ إلى العُلِّيةِ،
ونَزَلْتُ أنا وأمُّ أيوبَ إلى السُّفْلَ.

***

أقام
النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في بيتِ أبى أيوبَ نَحْواً من سَبْعَةِ
أشهرٍ ، حتَّى تَمَّ بناءُ مَسْجِدِهِ في الأرضِ الخَلاءِ التي بَرَكَتْ
فيها الناقَةُ، فانْتَقَلَ إلى الحُجُراتِ التي أقيمَت حَوْلَ المسجـدِ له
ولأزْواجِـه، فَغَدا جـاراً لأبى أيوبَ، أكْرِمْ بهمـا مِنْ مُتَجاوِرَيْن.

***

أحبَّ أبو أيوبَ رسولَ اللّهِ صلواتُْ اللّه عليه حبّاً ملكَ عليه قلبَه
ولبَّه، وأحبَّ الرسولُ الكريمُ أبا أيوبَ حبّاً أزالَ الكُلفة فيما بينَه
وبينَه، وجَعَلَه ينظرُ إلى بيتِ أبي أيوبَ كأنه بيتُه.

***

حدَّث ابنُ عَبَّاس (Cool قال:


خرجَ أبو بكرٍ رضِيَ اللّهُ عنه بالهاجِرَةِ (9) إلى المسجدِ فرَاه عمرُ رضيَ اللّهُ عنه، فقال:

يا أبا بكرٍ ما أخْرَجَكَ هذه الساعَةَ؟!

قال: ما أخرجني إلا ما أجِدُ من شِدَّة الجوعَ.

فقال عمر:

وأنا واللّهِ ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

فَبَيْنَمَا هُما كذلك إذْ خَرَجَ عليهما رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ما أخْرَجَكُمَا هذه الساعةَ؟!

قالا:

واللّهِ ما أخْرَجَنَا إلا مَا نَجِدُه في بطونِنا من شِدَّةِ الجوعِ.

قال عليه الصلاة والسَّلامُ: وأنا- والذي نفسِي بيدِه- ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

قُومَا معى، فانطَلقوا فأتَوا بابَ أبي أيوبَ الأنصاريِّ رضيَ اللّهُ عنه،
وكان أبو أيوبَ يَدَّخِرُ لرسولِ اللّه كلَّ يومٍ طعاماً، فإذا أبطأ عنه
ولم يَأتِ إليه في حينِه أطعمَه لأهلِهِ.

فلما بلغوا البابَ خَرَجتْ إليهم أمُّ أيوبَ، وقالت:

مَرْحباً بنَبيِّ اللّهِ وبمن معه، فقال لها النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ:

أينَ أبو أيوبَ؟ فَسَمِعَ أبو أيوبَ صوتَ النبيِّ- وكان يَعْمَلُ في نَخْل قريبٍ له- فأقْبَلَ يُسْرِعُ، وهو يقول:

مَرْحباً برسولِ اللّهِ وبمن مَعَه، ثم أتبعَ قائلاً: يا نبيَّ اللّهِ
ليسَ هذا بالوقتِ الذي كنتَ تجيءُ فيه، فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ:
صَدَقْتَ، ثم انطلق أبو أيوبَ إلى نَخِيلهفقطعَ منه عِذْقاً فيه تمرٌ
ورُطَبٌ وبُسْرٌ (10).


فقال عليه الصلاةُ والسلامُ:

ما أردتُ أن تَقْطَعَ هذا، ألا جنَيْتَ لنا من تمره؟

قال: يا رسول اللّهِ أحْبَبْتُ أنْ تأكلَ من تمرِه ورُطَبِه وبُسْرِه، ولأذْبَحَنَّ لك أيضاً.

قال:

إنْ ذَبَحْتَ فلا تَذْبَحنَّ ذاتَ لَبَن.

فأخَذَ أبو أيوبَ جَدْياً فذَبَحَه، ثم قال لامرَأتِه:

اعْجِـني واخبزي لنا، وأنتِ أعْلَمُ بالخَبْزِ، ثم أخذ نِصْفَ الجَدْيِ
فَطبخَـه، وعَمَدَ إلى نِصْفه الثاني فشَوَاه، فلمَّا نَضِجَ الطَّعَامُ
ووُضِعَ بين يَدَي النبيِّ وصاحبيه، اخَذَ الرسولُ قِطْعَةً من الجَدْيِ
وَوَضَعها في رغيفٍ ، وقال:

يا أبا أيوبَ بادِر (11) بهذه القِطْعَةِ إلى فاطمَةَ، فإنَّها لم تُصِبْ مثلَ هذا منذُ أيام.

فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم :

خبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، و بُسْرٌ ، و رُطَـب!!!

وَدَمَعَتْ عيناه ثم قال: والذي نفْسي بيدهِ إنَّ هذا هو النعيمُ الذي
تُسْألون عنه يومَ القيامةِ، فإذا أصَبْتُمْ (12) مثلَ هذا فَضَرَبْتُم
بأيديكم فيه فقولوا:

بِسم اللّهِ، فإذا شبِعْتُم فقولوا:

الحمدُ للّهِ الذي هو أشْبَعَنا وأنعَمَ علينا فأفضلَ.

ثم نَهَضَ الرسولُ صَلَوَاتُ اللّهِ عليه، وقال لأبي أيوبَ:

ائتِنَا غداً.


وكان عليه الصلاةُ والسلامُ لا يَصنَعُ له أحدٌ معروفاً إلا أحبَّ أنْ يُجَازِيَه عليه؛ لكِنَّ أبا أيوبَ لم يَسْمَعْ ذلك.

فقال له عمرُ رضوانُ اللّه عليه:

إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمركَ أنْ تأتِيَه غداً يا أبا أيوبَ.

فقال أبو أيوب:

سمعاً وطاعةً لرسولَ اللّهِ.

فلمَّا كان الغَدُ ذَهَبَ أبو أيوبَ إلى النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسلامُ فأعطاه وليدَةً (13) كانت تَخْدِمُه، وقال له:

اسْتَوصِ بها خيراً- يا أبا أيوبَ- فإنّا لم نَرَ مِنْها إلا خَيْراً ما دامت عندنا.

***

عاد أبو أيوبَ إلى بيته ومعه الوليدةُ؛ فلما رأتها أمُّ أيوبَ:

قالت: لمن هذه يا أبا أيوبَ؟!

قال:

لنا... منَحَنَا إيَّاها رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقالت:

أعظِمْ بهِ من مانِحٍ وأكرِمْ بها من مِنْحةٍ .

فقال:

وقد أوصانا بها خيراً.

فقالت:

كيفَ نَصْنَعُ بِها حتَّى نُنَفِّذَ وَصِيَّةَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟

فقال:

واللّهِ لا أجِدُ لِوَصيَّةِ رسولِ اللّهِ بها خيراً من أنْ أعْتِقَها.


فقالت:

هُديتَ إلى الصَّوابِ، فأنْتَ مُوَفَّقٌ ... ثم أعْتَقَها.

***

هذه بعضُ صورِ حياة أبى أيوبَ الأنصاريِّ في سِلْمه، فلو أتيح لَكَ أنْ تَقِفَ على بَعْضِ صورِ حياتِه في حَرْبه لرأيت عجباً...

فقد عاش أبو أيوبَ رَضِىَ اللّه عنه طولَ حياتِه غازياً حتَّى قيلَ: إنَّه
لم يتخلّفْ عن غَزْوةٍ غزاها المسلمون مُنْذُ عَهْدِ الرسولِ إلى زَمَن
معاويةَ إلا إذا كان مُنْشَغِلاً عنها بِأخْرَى.

وكانت آخِرُ
غزواتِه حينَ جَهَّزَ مُعـاويَةُ جَيشـاً بِقِيَادَةِ ابنهِ يزيدَ،
لِفَتْح القُسْطنطنيَّةِ وكان أبو أيوبَ آنذاك شيخاً طاعناً في السن يحبو
نحو الثمانين من عُمُرِه فلم يَمْنَعْه ذلك من أنْ يَنْضوي (14) تَحْتَ
لواءِ يزيدَ، وأنْ يَمْخُر عُبابَ (15) البَحر غازياً في سبيل اللّهِ.

لكِنَّه لم يَمْضِ غيرُ قليل على منازَلَةِ العَدُوِّ حتَّى مَرِض أبو
أيوبَ مَرَضاً أقْعَده عن مُوَاصَلَةِ القتالِ، فجاء يزيدُ لِيَعودَه
وسألهَ:

ألكَ من حاجَةٍ يا أبا أيوبَ؟

فقال: اقرأ عَني
السلامَ على جنودِ المسلمين، وقُلْ لهم: يوصيكم أبو أيوبَ أن تُوغِلوا في
أرضِ العَدُوِّ إلى أبعدِ غايةٍ ، وأن تَحْمِلوه مَعَكُم، وأن تَدْفِنوه
تَحْتَ أقدامِكم عِنْدَ أسوار القُسْطَنْطنية. ولَفَظَ أنفاسَه الطاهِرَةَ.

***

استجابَ جندُ المسلمين لِرَغْبَةِ صاحبِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم
، وكرّوا على جُنْدِ العدوِّ الكَرَّة بَعْدَ الكرَّةِ حتَّى بلغوا
أسْوارَ القُسْطَنْطِينيةِ وهم يَحْمِلون أبا أيوب معهم. وهناك حفَروا له
قبراً ووارَوْهُ فيه.


***

رَحِـمَ اللّهُ أبا أيوب
الأنصـاريَّ، فقد أبى إلا أنْ يموتَ على ظُهورِ الجيادِ الصافِنَاتِ
غازياً في سبيل اللّه... وسِنُّه تقارب الثمانين...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:41 am

عبدُ الله بنُ مسعُود




كان يومئذٍ غلاماً لم يجاوِزِ الحُلُمَ، وكان يَسْرَحُ في شِعابِ (1)
مكَّةَ بعيداً عن النَّاسِ، ومعه غَنَمٌ يرعاها لِسَيِّدٍ من ساداتِ قريش
هو عُقْبَةُ بنُ أبي مُعَيطٍ .

كان النـاسُ يُنـادونَه: "ابنَ أمِّ عَبْدٍ" أمَّا اسمهُ فهو عبدُ اللّهِ وأمَّا اسـمُ أبيه "فَمَسْعُود".

كان الْغُلامُ يَسْمَعُ بِأخْبَارِ النبَّي الذي ظَهَرَ في قومِه فلا
يأبَه لها (2) لِصِغَرِ سِنِّهِ من جِهَةٍ ، وَلِبُعْدِهِ عنِ المجتَمَع
المكِّي من جهةٍ أخْرَ ى، فقد دأب على أنْ يخرجَ بغنم عُقْبَةَ مُنْذُ
البُكورِ ثُمَّ لا يعودُ بها إِلاَّ إِذا أقْبَلَ اللَّيْلُ.

وفي
ذات يوم أبصَرَ الغلامُ المكي عبدُ اللّهِ بنُ مَسْعُودٍ كَهْلَيْنِ
عليهما الْوَقَارُ يَتَّجهان نَحْوَه مِنْ بَعيدٍ ، وقد أخذَ الجُهْدُ
مِنْهُما كُلَّ مَأخَذٍ (3)، واشتدَّ عليهما الظَّمَأ حَتَّى جَفَّتْ
منهما الشفاهُ والحلوقُ. فلمّا وقفا عليه، سَلَّما وقالا:


يا غلامُ، احْلِبْ لنا من هذِهِ الشِّياهِ ما نُطْفِئُ به ظَمَأنا ونَبُلُّ عُروقَنا.

فقال الغلامُ:

لا أفعَلُ، فالْغَنَمُ لَيْسَتْ لي، وأنا عليها مُؤتَمنٌ ... فلم يُنْكِرِ
الرَّجُلانِ قَوْلَهُ، وبَدَا على وجهيهما الرِّضا عَنْهُ.

ثم قال له أحَدُهُما:

دُلَّني على شاةٍ لم ينْزُ عليها فَحْلٌ ، فأشارَ الغُلامُ إِلى شاةٍ
صغيرَةٍ قريبَةٍ منه، فتقدَّمَ منها الرجلُ واعْتَقَلَهَا، وجعلَ يَمْسَح
ضَرْعَهَا (4) بِيَدِه وهو يَذْكُرُ عليها اسمَ اللّهِ، فنظرَ إليه
الغلامُ في دَهْشَةٍ وقال في نفسهِ:

ومتى كانَتِ الشِّياهُ الصغيرةُ التي لم تَنْزُ عليها الفُحولُ تدرُّ لبناً؟!

لكِنَّ ضرْعَ الشَاة ما لَبِثَ أن انْتَفَخَ، وطَفِق اللَّبنُ يَنْبَثِقُ منه ثَرّاً (5) غزيراً.

فَأخَذَ الرَّجُلُ الآخَر حجراً مُجَوَّفاً من الأرْضِ، وملأه باللَّبنِ،
وشرِبَ منه هو وصاحِبُه، ثم سقيَاني معهما، وأنا لا أكاد أصدقُ ما أرى.

فلمَّا ارْتَوَيْنَا، قالَ الرّجُلُ المبارَكُ لِضَرْع الشَّاةِ: اِنْقَبِضْ، فما زال يَنْقَبِضُ حتَّى عادَ إلى ما كان عليه.

عند ذلك قلتُ للرَّجُل المبارَكِ:

عَلِّمْني مِن هذا القولِ الذي قلتَه.

فقال لي: إنَّك غلام مُعَلَّم.

***

كانت هذهِ بدايةَ قِصَّةِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ مع الإسْلامِ... إذ لَمْ
يَكُنْ الرَّجُلُ المبارَكُ إلاَّ رسولَ اللّهِ صلوات اللّه عليه، ولم يكن
صاحبُه إلا الصديقَ رَضِىَ اللّهُ عنها. فقد نَفَرا (6) في ذلِكَ اليومِ
إلى شِعابِ مَكَّةَ لِفَرْطِ ما أرهَقَتْهُمَا (7) قريشا وَلِشدَّةِ ما
أنزَلتْ بهما من بَلاءٍ


وكما أحَبَّ الغلامُ الرسولَ
الكريمَ وصاحِبَهُ، وتَعَلَّقَ بهما فقد أعجب الرسولُ وصاحبُه بالغُلامِ و
أكبَرَا أمَانَتَهُ وَحَزْمَهُ وَتَوَسَّمَا فيه الخيْرَ (Cool.

لم
يمضِ غيرُ قليل حتَّى أسلمَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ وعَرَضَ نَفْسَهُ على
رسولِ اللّهِ ليخدِمَه، فَوَضَعه الرسولُ صلوات اللّهِ عليه في خِدْمَتِهِ.

ومُنْذُ ذلك اليومِ انْتَقَلَ الغلامُ المَحْظُوظُ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ من رعاية الغَنم إِلى خِدْمَةِ سَيِّدِ الخَلقَ والأممَ.

***

لزمَ عبدُ اللّه بنُ مسعودِ رسولَ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه مُلاَزَمَةَ
الظِّلِّ لصاحبه، فكَان يُرافِقُه في حِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ، ويصاحِبهُ
داخِلَ بيتهِ وخارجَه... إذْ كان يوقِظُه إِذا نام، وَيَسْتُرُهُ إِذا
اغْتَسَلَ، ويُلْبِسُهُ نَعْلَيْهِ إِذا أرادَ الخروجَ، ويَخْلَعُهُما من
قَدَمَيْه إذا هَمَّ بالدخولِ، ويحمِـلُ له عصـاه وَسِـوَاكَه، وَيَلجُ
الحُجْرَةَ بَيْنَ يَدَيْه إذا أوى إِلى حُجْرَتِه…

بلْ إنَّ
الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ أذِنَ له بالدُّخولِ عليه مَتى شاءَ،
والوقوف على سِرّهِ من غيرِ تَحَرُّج وَلا تأثم، حتَّى دُعِيَ بِصَاحـبِ
سِرِّ رسولِ اللّهِ.

***

رُبِّيَ عبدُ اللّهِ بنُ
مسعودٍ في بيتِ رسـولِ اللّهِ، فاهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَتَخَـلَّقَ
بِشَمَائلهِ (9)، وَتَابَعهُ في كل خَصْلَةٍ من خِصالِه حتَّى قيل عنه:
إنَّهُ أقربُ النَّاسِ إلى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْياً
وَسَمْتا (10)


***

وَتَعَلَّمَ ابنُ مسعودٍ في
مَدْرَسَةِ الرسول صَلواتُ اللّهِ عليه فكان من أقرَأ الصَّحابةِ
للقرَآنِ، وأفقَهِهِمْ لمعانيه وأعلَمِهِمْ بِشرْعِ اللّهِ.

ولا أدَلَّ على ذلك مِنْ حكاية ذلك الرَّجُلِ الذي أقْبَلَ على عُمَرَ بنِ الخطابِ وهو واقِف بِعَرَفَة، فقال له:

جئتُ- يا أميرَ المؤمنين- من الكوفَةِ وَتَرَكْـتُ بها رجلاً يُمْلي
المَصَاحِفَ عن ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ عمرُ غَضَباً قَلَّما غَضِبَ
مِثْلَهُ، وَانتَفَخَ حَتَّى كادَ يَمْلأ ما بينَ شُعْبَتَي الَّرحل (11)
وقال:

مَنْ هُوَ وَيْحَكَ (12)؟!

قال: عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ .

فما زالَ يَنْطَفِئُ وَيُسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عادَ إلى حالِه، ثم قال:
وَيْحَكَ، واللّهِ ما أعْلَمُ أنهُ بَقِيَ أحَدٌ مِنَ النَاسِ أحَقُّ بهذا
الأمْرِ منْهُ، وَسَأحَدِّثكَ عن ذلك.

واستأنفَ عمرُ كلامَهُ فقال:

كان رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ ذاتَ ليلة عِنْدَ أبى بكرٍ
، ويتفاوَضانِ (13) في أمرِ المسلمين، وكُنْتُ معهما، ثُمَّ خَرَجَ رسولُ
اللّهِ وَخَرَجْنا معه، فإذا رَجُلٌ قائِم يُصَلِّي بِالْمَسجِدِ لَمْ
يَتَنبّهُ (14): فَوَقَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ
إليه، ثم الْتَفَتَ إلينا وقال:

مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقْرَأ الْقُرانَ رَطْباً كما نزَلَ فَلْيَقْرَأهُ على قِراءَةِ ابْنِ أمِّ عَبْدٍ ...

ثُمَّ جَلَسَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ يدْعو فَجَعَلَ الرسولُ عليه الصَّلاةُ والسلامُ يقولُ له:

سَلْ تُعْطَهْ...


سَلْ تُعْطَهْ...

ثم أتْبَعَ عمرُ يقول:

فَقُلْتُ في نفسي: واللّهِ لأغدُوَنَّ عَلَى عَبْدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ
وَلأبشِّرَنَّهُ بِتَأمِينِ الَّرسولِ صلى الله عليه وسلم على دُعائِه،
فَغدَوْتُ عَلَيْهِ فَبَشَّرْتُه، فَوَجَدْتُ أبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَني
إلَيْه فَبَشَّرَه ...

ولا واللّهِ ما سابَقْتُ أبا بَكْر إلى خَيْرٍ قَطُّ إلاَّ سَبَقَني إلَيْهِ.

***

ولقد بَلَغ من عِلْمِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ بكتابِ اللّهِ أنهُ كان
يقولُ: واللّهِ الذي لا إلهَ غَيْرُه، ما نَزَلَتْ آيَة من كِتابِ الله
إلاَّ وأنا أعلم أينَ نَزَلَتْ وأعلمُ فيما نَزَلَتْ، ولو أعْلَمُ أن
أحَداً أعلَمُ مِنى بِكِتَابِ اللّهِ تَنَالُه الَمطِيُّ (15) لأتيْتُه.

***

لم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ مُبَالِغاً فيما قالَه عَنْ نفسِه، فهذا
عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضىَ اللّهُ عنه يَلْقَى رَكْباً (16) في سَفَرٍ
من أسْفَارِهِ، والليلُ مُخَيِّم يحجُبُ الرَّكْبَ بِظلامِهِ.

وكان في الرَّكْبِ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ، فَأمَرَ عُمَرُ رجلاً أن يُنَادِيَهُمْ:

من أينَ القومُ؟ فأجابَه عبدُ اللّهِ: من الفجِّ العَمِيِق (17).

فقال عمرُ: أينَ تريدونَ؟ فقال عَبْدُ اللّهِ: البيتَ العَتيقَ.

فقال عمرُ: إنَّ فيهم عالماً... وأمرَ رجلاً فناداهُمْ:

أيّ القرآنِ أعظمُ؟ فأجابه عبدُ اللّهِ: { اللّهُ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأخُذُهُ سِنَة وَلاَ نَوْمٌ }.


قال:

نَادِهِمْ أيُّ الْقُرآنِ أحْكَمُ؟

فقال عبدُ اللّه: { إن اللّهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }.

فقال عمر: نادِهم أي القرَانِ أجمَعُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَه }.

فقال عمر: نادِهم أيُّ القرَآن أخوفُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ لَيْسَ بِأمَانِيِّكُمْ وَلا أمَانيّ أهل الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ
سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا
نَصِيراً }.

فقال عمرُ:

نادِهم أيُّ القرَان أرْجَى؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنفُسِهمْ لاَ تَقْنَطُوا
مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً، إنَّهُ
هُوَ الْغفُورُ الرَّجِمُ }.

فقال عمرُ:

نَادِهِمْ، أفيكُمْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ؟!

قالوا: اللَّهُمَّ نعم.

***

ولم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعود قارئاً عالماً عابداً زاهِداً فَحَسْبُ
وإنما كان- مع ذلك- قَوِيّاً حازماً مُجاهِداً مِقْداماً إذا جَدَّ
الْجِدُّ.

فَحَسْبُهُ أنَّهُ أوَّلُ مُسْلِم على ظَهْرِ الأرضِ جَهَرَ بالقرَآنِ بَعْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم :

فقد اجْتَمعَ يوماً أصحابُ رسولِ اللّهِ في مكَّةَ ،- وكانوا قِلَّةً مُسْتَضْعَفينَ-


فقالوا:

واللّهِ ما سَمِعَتْ قريشٌ هذا القُرآن يُجْهَرُ لها به قَطّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُم إيَاه؟!

فقال عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ : أنا أسمعهم إِيَّاه.

فقالوا:

إنَّا نَخْشَاهُم عليكَ، إنَّما نُرِيدُ رَجُلاً له عَشيرة، تَحْميه
وَتَمْنَعُهُ منهم إِذا أرادوه بشَر، فقال: دَعُونِي فإنَّ اللّهَ
سَيَمْنَعُني ويَحْميني...

ثم غدا إلى الْمَسْجِدِ حَتَّى أتَى مَقامَ إِبْراهِيمَ في الضُّحَى وقريشٌ جلوسٌ حَوْل الكَعْبَةِ، فَوَقَفَ عِنْدَ المقام وقرأ:

{ بِسمِ اللّهِ الرحمنَ الرحيمِ- رافِعاً بها صَوْتَهُ- الرَّحْمنُ
عَلَّمَ الْقُرآنَ، خَلَقَ الانْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ... }.

وَمَضىَ يَقْرأها، فَتَأملَتْهُ قريشٌ وقالت: ماذا قال ابنُ أمِّ عَبْدٍ ؟!

تَبّاً له (18)… إنَّهُ يَتْلو بَعْضَ ما جاءَ به محمدٌ … وقاموا إليه
وجَعَلوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وهو يَقْرأ حَتَّى بَلَغ منها ما شاءَ
اللّهُ أَنْ يبلُغ، ثم انْصَرَفَ إِلى أصحَابِه والدَّمُ يسيلُ منه،
فقالوا له:

هذا الذي خَشِينا عليك.

فقال:

واللّهِ ما كان أعداءُ اللّهِ أهوَنَ في عيني منهم الآنَ، وإنْ شِئْتُم لأُغَادينّهم(19)، بِمِثْلها غداً، قالوا:

لا، حَسْبُكَ (20)، لقد أسْمَعْتَهم ما يَكْرَهون.

***


عاشَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ إلى زَمَنِ خِلافَةِ عُثمانَ رَضِيَ اللّهُ
عنه، فلمّا مَرِضَ مَرَضَ الموتِ جاءَه عثمانُ عائِداً، فقال له:

ما تشتَكي؟

قال: ذنوبي.

قال: فما تشْتَهي؟

قال: رحمةَ ربى.

قال: ألا آمُرُ لك بِعَطائِك الذي امْتَنَعْتَ عَنْ أخْذِهِ منذُ سنين؟!

قال: لا حاجَةَ لي به.

قال: يكون لِبَناتِكَ من بَعْدِك.

قال: أتَخْشَى على بناتي الفقْرَ؟

إني أمرْتُهُنَّ أن يَقْرَأنَ كُلَّ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْوَاقِعَة...

وإنِّي سمعتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قَرَا الْواقِعَةَ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَة (21) أبداً".

***

ولما أقبَلَ الليلُ لَحِقَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ بالرفيقِ الأعلى
ولِسَانهُ رَطْب بِذِكْرِ اللّهِ، نَدِيُّ بآياتِه الْبَيِّنات.(*)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:42 am

حمزة بن عبد المطلب
حمزة بن عبد المطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة فهما
من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا000وعندما كبر حمزة كان
يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين
زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن
أخيه ، وتفانيه في سبيل ايمانه ودعوته ،لذى طوى صدره على أمر ظهر في اليوم
الموعود000يوم اسلامه000


اسلام حمزة

كان حمزة -رضي الله عنه- عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص
يرميه ويخرج اليه وكان اذا عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث
معه ، فلما مر بالمولاة قالت له يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك
محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه
مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد -صلى الله عليه وسلم-)000فاحتمل
حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ،
معدا لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل الى الكعبة وجده جالسا بين
القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له أتشتم محمدا وأنا على
دينه أقول ما يقول ؟000فرد ذلك علي ان استطعت )000
وتم حمزة -رضي
الله عنه- على اسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عز وامتنع
، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه000


حمزة و الاسلام

ومنذ أسلم حمزة -رضي الله عنه- نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى
خلع النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه هذا اللقب العظيم أسد الله وأسد
رسوله )000وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة -رضي
الله عنه-000وأول راية عقدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأحد من
المسلمين كانت لحمزة000ويوم بدر كان أسد الله هناك يصنع البطولات000حتى
أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في
الأهمية000


استشهاد حمزة

(اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق)
هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس
حمزة مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ،
وأصبحت المعركة كلها حمزة -رضي الله عنه- ، وجاءت غزوة أحد ، والتقى
الجيشان ، وراح حمزة -رضي الله عنه- لايريد رأسا الا قطعه بسيفه ، وأخذ
يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي 000 وهززت حربتي
حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن الى
العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى اذا
مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ،
وانما قتلته لأعتق 000 )000
وقد أسلم (الوحشي) لاحقا فهو يقول خرجت
حتى قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، فلم يرعه الا بي
قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال وحشي )000قلت نعم يا
رسـول اللـه )000قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟)000فلما فرغت من حديثي
قال ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك !)000فكنت أتنكب عن رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- حيث كان ، لئلا يراني حتى قبضه الله -صلى الله عليه وسلم-)0

واستشهاد سيد الشهداء -رضي الله عنه- لم يرض الكافرين وانما وقعت هند بنت
عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ، يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم
خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا000وبقرت عن
كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها 000


حزن الرسول على حمزة

وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلتمس حمزة بن عبد المطلب ، فوجده ببطن
الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول
-صلى الله عليه وسلم- حين رأى ما رأى لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي
لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش
في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !)000فلما رأى المسلمون حزن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا والله
لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من
العرب )000

فنزل قوله تعالى وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم
به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك الا بالله ، ولا تحزن
عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )000

فعفا رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ونهى عن المثلة ، وأمر بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر
سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة ، فصلى عليهم وعليه معهم ،
حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة000وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ،
سنة (3) للهجرة000

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:43 am

- على بن ابى طالب -

ولد علي بن أبي طالب في جوف الكعبة من أبوين صالحين هما: أبو طالب عمّ
النبي (صلى الله علية وسلم) ومؤمن قريش. وفاطمة بنت أسد بن هاشم.

نشأ علي في كنف والديه، وبعد سنوات من ولادته المباركة تعرضت قريش لأزمة
اقتصادية خانقة كانت وطأتها شديدة على أبي طالب إذ كان رجلاً ذا عيال
كثيرة، فاقترح النبي (صلى الله علية وسلم) أن يأخذ علي ليخفّف العبء عن
أبي طالب ، وكان عمره ست سنوات. فنشأ في دار الوحي ولم يفارق النبي (صلى
الله علية وسلم) في حال حياته إلى وفاته، وهو القائل: "ولقد كنت أتّبعه
إتّباع الفصيل أثر أمه. يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً. ويأمرني
بالاقتداء به". وقد عاش مع النبي (صلى الله علية وسلم) بدايات الدعوة "..
ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري". كما سبق إلى
الإيمان والهجرة "ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى
الله علية وسلم) وخديجة وأنا ثالثهما".
وفي الواقع أن علياً ولد مسلماً على الفطرة ولم يسجد لصنم قط باعتراف الجميع.

عاش علي مع الدعوة في مرحلتها السرية إلى أن نزل قوله تعالى: "وأنذر
عشيرتك الأقربين" فجمع النبي (صلى الله علية وسلم) أقرباءه ودعاهم إلى
كلمة التوحيد فلم يستجب له سوى علي وكان أصغرهم سناً. فقال له النبي (صلى
الله علية وسلم): "أنت أميني ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي" وقد
اشتهر هذا القول بحديث الدار.
هاجر
علي الى المدينة المنورة ملتحقاً برسول الله (صلى الله علية وسلم) بعدما
نفّذ وصيته وردَّ أماناته الى أهلها. فدخل معه المدينة وعمل الى جانبه في
بناء المجتمع الإسلامي وتركيز دعائم الدولة الإسلامية.

وفي السنة الثانية للهجرة تزوج علي من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء
بنت النبي الأكرم محمد (صلى الله علية وسلم)، وكان ثمرة هذا الزواج الحسن
والحسين وزينب. فشكلت هذه الأسرة النموذجية المثل الأعلى للحياة الاسلامية
في إيمانها وجهادها وتواضعها وأخلاقها الكريمة.

شارك علي الى جانب النبي (صلى الله علية وسلم) في مجمل الحروب والغزوات
التي خاضها باستثناء غزوة تبوك حيث تخلف عنها بأمر من النبي (صلى الله
علية وسلم). وفي تلك الغزوة قال له (صلى الله علية وسلم): "ألا ترضى أن
تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي".
وقد كان له في
كل تلك المعارك السهم الأوفى والنصيب الأكبر من الجهاد والتضحية ففي معركة
بدر التي قتل فيها سبعون مشركاً قتل علي ستة وثلاثين منهم.
وفي معركة
أُحُد حينما فرَّ المسلمون وجرح النبي محمد (صلى الله علية وسلم)، صمد مع
ثلّة قليلة من المؤمنين يزودون عن رسول اللّه (صلى الله علية وسلم) حتى
منعوا المشركين من الوصول إليه.
وأما في معركة الأحزاب فقد كان حسم
المعركة لصالح المسلمين على يديه المباركتين حينما قتل عمرو بن ود
العامري، بضربة قال عنها النبي (صلى الله علية وسلم): "ضربة علي يوم
الخندق تعادل عبادة الثقلين".
وفي معركة خيبر، وبعد أن فشل جيش
المسلمين مرتين في اقتحام الحصن اليهودي المنيع قال رسول الله (صلى الله
علية وسلم): "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه
ورسوله، كراراً غير فرار لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه" فأعطى الراية
لعلي ، وفتح الحصن وكان نصراً عزيزاً بعد ما قتل مرحب".
وفي معركة
حنين انهزم المسلمون من حول النبي (صلى الله علية وسلم) وصمد علي وبعض بني
هاشم يدافعون عن رسول الاسلام بكل شجاعة وعزيمة حتى أنزل الله نصره عليهم.

حينما فاضت روح النبي - صلى الله علية وسلم - إلى بارئها. انصرف علي
لتجهيزه ودفنه بينما كان بعض وجوه المسلمين يتنازعون الأمر بينهم في سقيفة
بني ساعدة حتى استقر رأيهم على تنصيب أبي بكر خليفة بعد رسول الله . ولعدم
شرعية الخلافة لم يبايع علي في البداية حتى رأى راجعة الناس قد رجعت عن
الإسلام يدعون إلى محق دين محمد فخشي إن لم يبايع أن يرى في الإسلام ثلماً
أو هدماً فتكون المصيبة به أعظم. ولذلك لم يعتزل الحياة السياسية العامة
فنجد في علي المدبّر والمعالج والقاضي لجميع المشاكل الطارئة طيلة عهود
أبي بكر وعمر وعثمان مما لفت أنظار الأمة انذاك إلى موقعية علي في إرجاع
معالم الدين وتصحيح الإنحراف وتقويم الإعوجاج الذي تسبّبت به السلطة
وولاتها انذاك مما دفع الناس في جميع البلاد الإسلامية إلى الثورة على
الحكم المتمثل في شخص عثمان بن عفّان وانطلقوا إلى بيت علي مبايعين.
وكانت المرّة الوحيدة التي يبايع فيها الناس شخصاً ثم يتولى أمور الخلافة
بصورة شرعية خلافاً للمرات السابقة التي كان ينصّب فيها الخلفاء أولاً، ثم
يُحمل الناس على مبايعتهم.
امتازت حكومة علي برجوعها الى الينابيع الأصيلة للاسلام كما أمر بها الله تعالى. ومما امتازت به حكومته :
أولاً: المساواة في العطاء.
وثانياً: رد المظالم التي تسبّب بها الولاة السابقون.
وثالثاً: تشديد الرقابة على بيت مال المسلمين.
ورابعاً: عزل الولاة المنحرفين واستبدالهم بنماذج خيّرة وكفوءة.
وخامساً: مراقبة الولاة وتزويدهم بالمناهج والخطط من أجل إقامة حكومة العدل والإسلام على الأرض.
وهذا الأمر أزعج المترفين من أغنياء المسلمين انذاك. الذين أحسّوا بالخطر يهدّد مصالحهم فأعلنوا العصيان والتمرّد.

إستمرّت حكومة علي خمس سنوات عمل خلالها مجاهداً من أجل التصحيح والتقويم
والعودة إلى الأصالة وإقامة حكم الله على الأرض. وخاض خلالها حرب الجمل في
البصرة مع الناكثين الذين أزعجهم مبدأ المساواة في العطاء بين المسلمين
بالإضافة إلى رفض علي الانجرار وراء مطامعهم وإعطائهم ولاية الكوفة
والبصرة، فنكثوا بيعته وطالبوه بدم عثمان وجمعوا له (30) ألف على رأسهم
عائشة وطلحة والزبير. ولم تنفع الكتب التي أرسلها لإخماد الفتنة فاضطر إلى
محاربتهم والقضاء على الفتنة من أساسها. ثم كانت حرب صفين مع معاوية الذي
كان من أشد الولاة فساداً ودهاءاً. وكاد الإمام ينتصر عليه انتصاراً
ساحقاً لولا الخديعة التي اصطنعها معاوية بدعوى الاحتكام إلى كتاب الله.
هذه الحيلة انطلت على قسم من جيش علي وهم المعروفون بالخوارج الذين خرجوا
عليه فأجبروه على قبول التحكيم ثم رفضوه ورفعوا شعار "لا حكم إلاّ لله".
فحاربهم علي في النهروان بعد أن وعظهم وأقام الحجة عليهم، وقضى عليهم،
مبيّناً فساد شعارهم بأنه "كلمة حق يُراد بها باطل.." وكان عددهم (4000)
خارجي.
لم يكتب لهذه التجربة الفريدة
في الحكم أن تستمر وتعطي ثمارها حيث استشهد الإمام علي في مسجد الكوفة
عاصمة الخلافة على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم أثناء الصلاة.
وبذلك
اختتم علي عبادته الكبرى التي افتتحها في جوف الكعبة وأنهاها في محراب
الكوفة. ليقدّم للأمة المُثُل العُليا في التواضع والشجاعة والزهد
والطهارة والاخلاص والحلم والعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




صور من حياة الصحابه Empty
مُساهمةموضوع: رد: صور من حياة الصحابه   صور من حياة الصحابه I_icon_minitimeالسبت أغسطس 09, 2008 11:44 am

أم حرام بنت ملحان







شهيدة
البحر












هي
أم حرام بنت ملحان ، بن خالد،بن زيد، بن
حرام،بن جندب، بن عامر ، بن غنيم ،بن
عدي ، الأنصارية النجارية المدنية .








أخت
أم سليم ،وخالة أنس بن مالك خادم رسول
الله صلى الله عليه وسلم ،وزوجة الصحابي
الجليل عبادة بن الصامت. وأخوها سليم وحرام
اللذين شهدا بدراً وأحداً، واستشهد يوم بئر
معونة، وحرام هو القائل عندما طعن من خلفه
برمح : فزت ورب الكعبة.









كانت
أم حرام رضي الله عنها من علية النساء ،
أسلمت، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم
وهاجرت . وروت الأحاديث ،وحدث عنها أنس بن
مالك وغيره .









كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمها ويزورها
في بيتها ، ويقيل عندها ، فقد كانت هي و أختها
أم سليم خالتين لرسول الله صلى الله عليه
وسلم،إما من الرضاع ،و إما من النسب ،لذا تحل
له الخلوة بهما.









يقول
أنس بن مالك رضي الله عنه :









(دخل
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو إلا
أنا ،وأمي ،وخالتي أم حرام ،فقال:قوموا فلأصل
بكم ،فصلى بنا في غير وقت صلاة )









وكانت
أم حرام رضي الله عنها تتمنى أن تكون مع
الغزاة المجاهدين الذين يركبون البحر لنشر
الدعوة ،وتحرير العباد من عبادة العباد إلى
عبادة الله وحده .فاستجاب الله لها وحقق أملها
،حيث تزوجت من الصحابي الجليل عبادة ابن صامت
وخرجت معه واستشهدت هناك في غزوة قبرس .




يقول
أنس رضي الله عنه .









كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى
قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت
أم حرام زوجة عبادة بن الصامت ،فدخل عليها
رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوما فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه،فنام
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أستيقظ وهو
يضحك .









فقالت
أم حرام :ما يضحكك يا رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؟.









قالSadناس
من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ،يركبون
ثج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك
على الاسرة)









فقالت
أم حرام :يا رسول الله ،ادع الله أن يجعلني
منهم .




فدعا
لها ثم وضع رأسه فنام ،ثم استيقظ وهو يضحك .




فقالت
أم حرام :يارسول الله ما يضحكك ؟.









فقال
صلى الله عليه وسلم Sadناس من أمتي عرضوا علي
غزاة في سبيل الله مثل الملوك على الأسرة)









فقالت
:يا رسول الله ،ادع الله أن يجعلني منهم .




فقالSadأنت
مع الأولين )




قال
_يعني أنس بن مالك رضي الله عنه .




فخرجت
مع زوجها عبادة بن الصامت،فلما جاز البحر
،ركبت دابة فصرعتها فقتلتها ،وكانت تلك
الغزوة غزوة قبرس ،فدفنت فيها ،وكان أمير ذلك
الجيش معاوية بن أبي سفيان في خلافة عثمان رضي
الله عنهم جميعا.









وكان
ذلك في سبع وعشرين .









وهكذا
كانت أم حرام رضي الله عنها واحدة من تلك
الأسرة الكريمة الوفية للمبادئ التى تحملها
وتبذل كل ما في وسعها لنشر عقيدة
التوحيدخالصة لا تبغي من وراء ذلك إلا رضاء
الله عز وجل .




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صور من حياة الصحابه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
vet4ever :: الركن الديني :: شيوخ وعلماء-
انتقل الى: